قانون
الحقّ جواز النّسخ ، ووقوعه في الشّرع ، والمخالف في الأوّل بعض فرق اليهود ، وفي الثاني أبو مسلم بن بحر الأصفهاني (١) ، سيّما في القرآن ، لقوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)(٢).
لنا على الجواز : عدم الدليل على استحالته ، وستسمع بطلان ما تمسّك به اليهود. وعلى وقوعه آية العدّة ، فإنّ قوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً)(وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ)(٣) الدالّة على وجوب الإنفاق عليها في حول ، وهو عدّتها ما لم تخرج ، فإن خرجت فتنقضي عدّتها ولا شيء لها ، نسخت بآية أربعة أشهر وعشرا.
وتخلّص عنها الأصفهاني : بأنّ حكمها باقية في الجملة ، فإنّ الحامل إذا كان مدّة حملها عاما فتعتدّ بالحول.
وهو مدفوع : بأنّ الاعتداد حينئذ ليس بالحول من حيث هو ، بل بالوضع ، وآية القبلة نسخت الصلاة الى بيت المقدس.
وأجاب عنه : بأنّ حكمها باق لبقاء الاستقبال إليه عند الاشتباه.
وهو مدفوع أيضا : بأنّه ليس من حيث الخصوصيّة كما لا يخفى.
__________________
(١) محمد بن بحر الأصفهاني ٢٥٤ ـ ٣٢٢ ه معتزلي ، ولي اصفهان وبلاد فارس للمقتدر العباسي واستمر حتى دخل ابن بويه أصفهان سنة ٣٢١ ه ، فعزل. ومن كتبه في التفسير «جامع التّأويل» في أربعة عشر مجلّدا ، و «مجموع رسائله».
(٢) فصّلت : ٤٠.
(٣) البقرة : ٢٤٠.