وردّ (١) : بأنّه لا نافي للقياس الجليّ الذي يعرف الحكم فيه بطريق الأولى ، حتّى يصحّ أن يقال إنّه قائل بهذا المفهوم دون القياس ، ويجعل هذا حجّة على إنّه ليس بقياس.
وقد يقال : أنّ هذا دفع للسند ولا يضرّ الجواب ، وهو كذلك ، لكنّه جعله بعضهم من أدلّة المانعين لكونه قياسا ، فحينئذ ينطبق الردّ عليه ويدفعه.
وقال التفتازاني : والحقّ أنّ النزاع لفظيّ ، واستحسنه في «المعالم» (٢). ولعلّ وجهه أنّ الطرفين اتّفقا على الانفهام من اللّفظ ، وأنّه لا حاجة في الانفهام الى ملاحظة الأصل والفرع والعلّة واستحضار القياس المصطلح. فالنّزاع في تسمية ذلك بالمفهوم أو القياس الجليّ ، وذلك أيضا مبنيّ على إرادة هذا القسم الخاصّ من الجليّ وهو القياس بطريق الأولى ، لما مرّ.
أقول : وهذا أيضا إنّما يتمّ إذا سلّمنا أنّ كلّ قياس بطريق الأولى ممّا لا ينفكّ تصوّر الفرع من تصوّر الأصل حتّى يصحّ أن يقال : إنّ النزاع لفظيّ. وقد عرفت الكلام فيه في حكاية إلحاق الزّنا بالتّزويج ، إلّا أن يراد تردّد المقام بين المفهوم وبين هذا القسم الخاصّ من القياس بطريق الأولى ، الذي هو قسم خاصّ من القياس الجليّ.
واعلم ، أنّ ما ذكرنا من تفسير الجلي في الردّ المذكور هو عبارة التفتازاني ، وهو موهم لكون القياس الجلي نفس القياس بطريق الأولى كما يفهم من
__________________
(١) والرّاد هو السلطان في حاشيته على «المعالم» ص ٣٣٤.
(٢) ص ٥١٩