فنقول : لم يستفد من الحديث بعنوان القطع ولا الظّن أنّ العلّة هو (١) هتك عرض الزّوج والدّخول في حريم المتزوّجة حتّى يقال : إنّ الدّخول في الحريم وهتك العرض في جانب الزّنا أقوى وآكد ، مع أنّه لو سلّم ذلك ، فيمتنع كونها فيه أقوى ، بل التزويج أدخل في الاعراض عن الاعتناء بشأن الزّوج الأوّل ، وهو كلام وقع في البين بتقريب أنّ ظاهر كلام العلّامة رحمهالله أنّ مراده ليس بيان تفريع محض آية التّأفيف وأمثاله ، بل مراده حكم جواز قياس ما كان العلّة في الفرع أقوى ، سواء ورد بأصله نصّ أم لا.
فلنرجع الى ما كنّا فيه من خلافهم في تفريع آية التّأفيف وأمثاله على قياس [القياس] الجليّ أو المفهوم أو المنطوق. والذي يقول : إنّه من باب القياس الجليّ ، لا بدّ أن يقول : يحصل من ملاحظة الفرع أنّ الفارق الذي يتصوّر من جانب الأصل ـ وهو الخصوصيّة ـ ملغى ، لأنّ الفرع أشدّ مناسبة للحكم ، فيتعدّى إليه من هذه الجهة. والذي يقول : بأنّه من باب المفهوم الموافق ، يقول : إنّه دلالة التزاميّة للّفظ ويسمّونه : فحوى الخطاب ولحن الخطاب (٢). والذي يقول : إنّه [دلالة التزامية للفظ] منطوق ، يقول : إنّ المنع من التّأفيف في العرف حقيقة في المنع عن الأذيّة ، للتبادر.
__________________
(١) التّذكير باعتبار خبره وهو لفظ هتك ، كما في الحاشية.
(٢) فحوى الخطاب ما يفهم منه على سبيل القطع ذكره المحقّق السّلطان في حاشيته ص ٣٣٤ نقلا عن العلّامة الشيرازي في شرحه على «المختصر». ولحن الخطاب أيضا هو ما يفهم من الكلام ، وعن «القاموس» ألحنه القوم أفهمه إيّاه تلحنه واللاحن العالم بغرائب الكلام وهذا يقتضي دخول القطع في مفهوم اللحن أيضا ، فالفحوى واللحن مترادفان لغة واصطلاحا ، كما عن حاشية القزويني.