القياس الجليّ ، هو أنّ الخصوصيّة لا مدخليّة لها (١) جزما.
فظهر من جميع ما ذكرنا أنّه لا يجوز الاعتماد على مجرّد آكديّة العلّة في الفرع ، بل إنّما يجوز العمل به إذا كان في النصّ تنبيه على العلّة وانتقال من الأصل الى الفرع ، وهذا هو المعبّر عنه بالمفهوم الموافق ، وذكروا له أمثلة :
منها : قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢).
ومنها : قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)(٣). الآية. ومنها : قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)(٤). الآية. وهو الذي يقولون أنّه تنبيه بالأدنى على الأعلى ، أو بالأعلى على الأدنى ، أي بالتّأفيف على الضّرب مثلا ، أو بالقنطار على الدّينار ، وإن شئت فاقتصر على التّنبيه بالأدنى على الأعلى بأن تجعل الأدنى عبارة عن الأقلّ مناسبة لترتّب الحكم عليه ، والأعلى عن الأكثر مناسبة ، فإنّ التأفيف أقلّ مناسبة بالتحريم من الضّرب ، والذّرة بالجزاء ممّا فوقها ، والقنطار أقلّ مناسبة بالتأدية ممّا دونه ، والدّينار أقلّ مناسبة بعدمها ممّا فوقه ، ولذلك كان الحكم في المسكوت أولى ، ولأجل مدخليّة المناسبة اختلفوا في أنّ دلالة هذه الآيات على الأعلى هل هو من باب القياس الجليّ أو المفهوم أو المنطوق؟
فقيل : إنّه من باب القياس ، وهو ظاهر العلّامة رحمهالله في «التهذيب» (٥) ، حيث
__________________
(١) في نسخة الأصل (له).
(٢) الإسراء : ١٣.
(٣) الزلزلة : ٧.
(٤) آل عمران : ٧٥.
(٥) ص ٢٤٨