حكم الخمر الى النبيذ ، أو من البرّ الى الذرّة ، لكان في غاية البعد من الاستقامة ، ولا يليق ذلك بجاهل ، فضلا عن الله تعالى.
وبقوله تعالى : (إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ)(يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ)(١) أنّ كون ذلك استدلالا بالقياس ، ممنوع ، بل يجوز أن يكون مرادهم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يمكن أن يكون بشرا ، لعدم قابلية البشر لهذه الرتبة أو أنّ ايثاركم علينا في النبوّة ترجيح بلا مرجّح ، مع أنّ ذلك استدلال بالقياس في العقليّات ، وقياس القياس في الأحكام الشرعيّات التي هو محلّ النزاع بالعقليّات يتضمّن مصادرة لا يخفى إذ المنكر ينكر القياس في الجميع.
واحتجّوا أيضا : ببعض الأخبار الضّعيفة دلالة وسندا ، وبعمل الصّحابة شائعا من دون نكير ، وهو ممنوع ، بل نقل خلافه عن أبي بكر وعمر وابن عبّاس وغيرهم.
وبالجملة ، قطعيّة بطلانه عندنا من جهة مذهب أئمّتنا عليهم الصلاة والسلام يغنينا عن إطالة الكلام في هذا المرام بالنقض والإبرام ، وذكر شرائط القياس وأقسامه وأحكامه ، فلنكتف في هذا الباب بذكر مسألتين :
الأولى
في حجّية المنصوص العلّة ، أعني ما استفيد علّة الحكم من كلام الشّارع ، قبالا لما يستنبط من العقل ، سواء كان صريحا ونصّا مصطلحا ، بمعنى مقابل الظّاهر ، كقوله عليهالسلام لعلّة كذا ، أو لأجل كذا أو كان ظاهرا مثل دلالة التّنبيه والإيماء كما سنبيّنه.
__________________
(١) ابراهيم : ١١.