بشّر به أمّته ، وما أقرّت به الحواريّون ، وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم و [ب] كتابه ولم يبشّر به أمّته» (١).
قال الفاضل : فأجابني بأنّ عيسى بن مريم المعهود الذي لا يخفى على أحد حاله وشخصه ، أو موسى بن عمران المعلوم الذي لا يشتبه على أحد من المسلمين ولا أهل الكتاب ، جاء بدين وأرسله الله نبيّا ، وهذا القدر مسلّم الطّرفين ، ولا يتفاوت ثبوت رسالة هذا الشّخص وإتيانه بدين بين أن يقول : بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أم لا. فنحن نقول : دين هذا الرّجل المعهود رسالته باق بحكم الاستصحاب ، فعليكم بإبطاله. وبذلك أفحم [أقحم] الفاضل المذكور في الجواب.
فتأمّلت هوينا (٢) فقلت في إبطال الاستصحاب بعد فرض تسليم جواز التمسّك به في أصول الدّين : (٣) أنّ موضوع الاستصحاب لا بدّ أن يكون معيّنا حتّى يجري على منواله ، ولم يتعيّن هنا إلّا النبوّة في الجملة ، وهو كلّيّ قابل للنبوّة الى آخر الأبد ، بأن يقول الله تعالى : أنت نبيّ وصاحب دين الى يوم القيامة ، وللنبوّة الممتدّة الى زمان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بأن يقول له : أنت نبيّ ودينك باق الى زمان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأن يقول : أنت نبيّ بدون أحد القيدين ، فعلى المخالف أن يثبت : إمّا التصريح بالامتداد الى آخر الأبد وأنّى له بإثباته ، والمفروض أنّ الكلام ليس فيه أيضا ، وإمّا الإطلاق ، فهو أيضا في معنى القيد (٤) ، ولا بدّ من إثباته ، ومن
__________________
(١) «عيون أخبار الرضا عليهالسلام» ٢ / ١٤١ باب ١٢ ح ١.
(٢) تصغير هيّنا ، يقال شيء هيّن أي سهل ، وهنا بمعنى أنّه تأمل تأمّلا سهلا بسيطا.
(٣) إذا المطلوب فيها العلم وليس الظنّ.
(٤) في معنى دوامه واستمراره الى يوم القيامة.