هذا ، ولكنّ التّمييز (١) بين الموارد ومعرفة ما يجري فيه هذا الاستصحاب ، أعني لزوم العمل على استمرار الاشتغال حتّى يحصل اليقين بالبراءة ، وأنّ المكلّف به في المردّد بين أمور ، هل هو أحدها المعيّن عند الله المبهم عندنا أو المكلّف به أن لا يترك جميع المحتملات ، فيكفي الإتيان بالبعض ، أمر مبهم مشكل.
والحقّ ، أنّ إثبات الأوّل في غاية الصّعوبة ونهاية النّدرة إن لم نقل بأنّه غير متحقّق. وكذلك الكلام في الأمر المستمرّ الى غاية معيّنة عند الله تعالى ، مبهمة عندنا.
وقد ذكرنا بعض الأمثلة في المبحث السّابق (٢) ، ونقول هنا أيضا : لو استدلّ القائل بوجوب ثلاثة أحجار في الاستنجاء بأنّ حكم النجاسة مستمرّ الى حصول المطهّر الشرعيّ بالإجماع ، ولم يتحقّق المطهّر إلّا بالثلاثة ، فيقال له : لا.
ثمّ الإجماع على أنّ النجاسة ثابتة الى أن يحصل المطهّر الشرعيّ ، بل إنّما نسلّمه على أنّ الصلاة لا تصحّ بعد التغوّط إلّا مع حصول أحد من أشياء ثلاثة : إمّا الغسل بالماء ، أو التمسّح بثلاثة أجسام طاهرة ، أو التمسّح بطاهر.
فلو قال : الإجماع ثبت على وجوب شيء وهو أحدها المعيّن عند الله تعالى المبهم عندنا.
فيقال : الإجماع على ذلك ممنوع ، بل إنّما يسلّم الإجماع على أنّ ترك مجموع
__________________
(١) وهذا الكلام هو أيضا في ردّه على المحقق الخوانساري.
(٢) في صحة تعيين موارد قاعدة الاشتغال.