وإن كان دعوى الظنّ والظّهور ، فأيّ دليل على حجّيته إلّا حجّية ظنّ المجتهد وهو موجود فيما نحن فيه ، وفيما ذكرنا ثمّة غنية عن الإعادة فراجعها.
وأمّا ما استدلّ به الآخرون من أنّ ما ثبت دام (١) ، فهو كلام (٢) خال عن التحصيل.
وغاية توجيهه ما ذكره المحقّق رحمهالله (٣) قال : المقتضي للحكم الأوّل ثابت فيثبت الحكم ، والعارض لا يصلح رافعا له ، فيجب الحكم بثبوته في الثاني.
أمّا أنّ مقتضى الحكم الأوّل ثابت فلأنّا نتكلّم على هذا التقدير.
وأمّا أنّ العارض لا يصلح رافعا له ، فلأنّ العارض إنّما هو احتمال تجدّد ما يوجب زوال الحكم ، لكن احتمال ذلك يعارضه احتمال عدمه فيكون كلّ منهما مدفوعا بمقابله ، فيبقى الحكم الثّابت سليما من رافع (٤).
وأنت خبير بما فيه ، إذا المقتضي للحكم الأوّل إن سلّم كونه مقتضيا حتّى في الأوان اللّاحقة ، فلا معنى للاستصحاب ، بل هو محض النصّ ، وإن فرض كونه مقتضيا في الآن الأوّل فقط ، فلا معنى لاقتضائه في غيره ، وإن أخذ كونه مقتضيا في الجملة ، فتساوي احتمال وجود الرّافع وعدمه وتساقطهما لا ينفع في إثبات الحكم في الأوان اللّاحقة من جهة المقتضي ، بل عدم المقتضي حينئذ هو مقتضى العدم كما مرّ إليه الإشارة.
__________________
(١) ونقل مثله في «المعارج» ص ٢٠٦ ، و «المعالم» ص ٥٢١.
(٢) لما كنت قد عرفته بأنّ ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم.
(٣) الحلّي في «المعارج» ص ٢٠٦.
(٤) الى هنا ينتهي كلام المحقق رحمهالله.