نفس الأمر من شأنه إزالته ، وهو قد يكون (١) ماهيّته معلوم [معلومة] لنا ، ولكن قد وقع الشّك في حصوله. وقد يكون معلوما ويحصل الشّك في صدقه على الشيء الحاصل ، وقد لا يكون لنا معلوما أصلا ويشكّ في حصوله أو في صدقه على شيء حاصل ، وقد لا يكون ثابتا (٢) ، بل نشكّ في أنّ الشّيء الفلانيّ هل هو مزيل أم لا ، وسيجيء أمثلتها.
وتارة من جهة حصول الحكم السّابق ، فقد يثبت الحكم في الجملة (٣) ولا يعلم شيء من الاستمرار وعدم الاستمرار أصلا ، وقد يثبت الحكم مع الاستمرار في الجملة ، وقد يثبت الحكم مع الاستمرار المقيّد الى غاية معيّنة.
واختلف كلام القوم في حجّيته وعدمها في المقامات الثلاث (٤).
قال العضدي (٥) : معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلانيّ قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء.
وقد اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته ظنّ البقاء وعدمها لعدم إفادته إيّاه.
__________________
(١) اي المزيل الذي ثبت في نفس الأمر وشكّ في وجوده.
(٢) هذا عطف على قوله : وقد يكون ثابتا.
(٣) وهذا القسم يرجع الى الشك في المقتضى.
(٤) من جهة الحال السّابق ، ومن جهة المزيل ، ومن جهة حصول الحكم السّابق.
(٥) وكما في «شرح مختصر الأصول» ٢ / ٤٥٣ ، وكذا قال ابو الحسين في «المعتمد» : ٢ / ٣٢٥ ، ذهب قوم من أهل الظّاهر وغيرهم الى الاحتجاج بذلك. وذكر الآمدي في «الإحكام» ٢ / ٣٦٧ : قد اختلف فيه ، فذهب أكثر الحنفية وجماعة من المتكلّمين كأبي الحسين البصري وغيره الى بطلانه ، ومن هؤلاء من جوّز التّرجيح به لا غير ، وذهب جماعة من أصحاب الشّافعي كالمزني والصّيرفي والغزالي وغيرهم من المحقّقين الى صحة الاحتجاج به وهو المختار.