ثمّ إنّ الاستصحاب في الأحكام الوضعيّة على ما ذكره المتوهّم (١) ، لا يجري فيما كان من قبيل المؤقّت كالحيض ، والتأبيد ، والدّوام كالزّلزلة ، ويجري في بعض المطلقات ، كالتغيير بالنّجاسة الذي هو سبب لتنجيس الكرّ ، والطهارة التي هو شرط لجواز المضيّ في الصلاة.
وأنت خبير بأنّ الكلام في الأوّل يظهر جوابه ممّا ذكرنا سابقا لإمكان حصول الشّك فيها والاحتياج الى التمسّك بالاستصحاب.
وأمّا الأخير فالجريان فيه واضح ، وهو إمّا بإجرائه في نفس السّبب ، كما لو شكّ في بقاء التغيير ؛ كما لو مزج للتغيّر جسم طاهر له لون ، أو في مسبّبه.
والمسبّب إمّا هو الحالة الحاصلة من النجاسة المغيّرة ، وإمّا الحكم الشرعيّ الذي هو وجوب الاجتناب عنه ، وقس عليه حال الطهارة.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الاستصحاب يجري في الأحكام الطلبيّة والتخييريّة الابتدائية والوضعيّة وما يستتبعها من الأحكام الطلبيّة اللّازمة لها.
ثمّ إنّ الاستصحاب ينقسم على أقسام كثيرة ، فتارة من جهة الحال السّابق أنّه الوجود أو العدم ، وأنّه ما ثبت من الشّرع أو العقل أو الحسّ ، وأنّ ما ثبت من الشّرع وضعيّ أو غيره ، وهل ثبت بالإجماع (٢) أو غيره من الأدلّة.
وتارة من جهة المزيل ، فقد يكون المزيل ثابتا ، بمعنى إنّا نعلم أنّ له مزيلا في
__________________
(١) يمكن مقصوده الفاضل التوني.
(٢) فقد يثبت بالإجماع وقد يثبت بغيره ، وقد فرّق بينهما الغزالي في «المستصفى» ١ / ١٩٧.