فيما نحن فيه (١) إن أردنا التشكيك ، فإنّ المناسب للعمل بالأصل أو التخيير أنّه عمل بما لا يوجب اليقين بالبراءة ، لا بما يوجب الشّك ، والحمل على إرادة أن لا تفعل ما يحدث الشّك ، بمعنى أنّه يبدّل يقين عدم حصول المأمور به بالشّك في [الشك] حصوله بعيد ، مع أنّه يلزم حينئذ التفكيك بين الرّيبتين ، فإنّه يصير حينئذ معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الى ما لا يريبك» ، الى ما لا يوجد معه شكّ في حصول الامتثال ، وإن حصل اليقين بارتفاع عدم الامتثال.
وإنّما قلنا ذلك لأنّ الشّك إنّما يكون سنوحه وحدوثه إذا ثبت هناك يقين السّابق ، واليقين السابق هو عدم الامتثال ، والمقصود بالذّات ليس إبقاء ذلك العدم ، بل اليقين بتحقّق الامتثال ، واللّفظ إنّما يناسب الأوّل ، ولكنّه لا يصحّ.
فالظّاهر أنّ مراده عليهالسلام هو ترك ما يوجب التهمة ، ويرفع طهارة الذّيل ونظافة السّاحة ، وإطلاق التّهمة على من يسلك سبيل الاحتياط بعيد.
هذا كلّه ، مع أنّ المطلوب إن كان الاجتناب عن المشكوك فيه الى المتيقّن ، فهو يشمل ما يحتمل الاستحباب أو الكراهة مع الإباحة ، فيلزم إمّا إخراج المستحبّ والمكروه وإرادة مطلق الرّجحان من صيغة الأمر ، لعدم جواز استعمال اللّفظ في معنييه كما حقّقناه في محلّه ، والثاني يوجب بطلان الاستدلال والأوّل بعيد ، فالأولى حمل الرّواية على الاستحباب ، وكيف كان فهو لا يقاوم أدلّة أصالة البراءة فنحملها على الاستحباب.
__________________
(١) يعني عدم صحة الاستدلال بهذه الرّواية فيما نحن فيه ، يعني في الشّبهة التّحريمية أو حتى في مطلق الشّبهة التي قلنا فيها بالبراءة ، واختار الأخباريون في مثلها الاحتياط إن أريد بالرّيب في الرّواية الشّك.