لم أرد بدّا ـ بالطبع ـ من مصاحبته على رغم أنني كنت قد شاهدت أكوام القمل وطفيليات صغيرة تسرح وتمرح على لحيته الكثة وملابسه القذرة .. ويغلب على الظن أن هذا الرجل الجليل كان يريد أن يحمل تلك الحيوانات الصغيرة من الحبشة إلى فرنسا كهدايا إلى أصدقائه ومعارفه!!
* * *
وهنا دخل الخادم وقال لمدام پرتيه : إن الغداء قد تهيأ ..
وقبل أن نترك مجلسنا رأيت مدام پرتيه تقول وهي تحدجني بطرف عينها والابتسامة ما زالت تعلو شفتيها : «والآن أنت الرجل الذي ينبغي أن أصاحبه وهو يمسك بيدي» ثم أردفت بقولها : «اسعوا أن تكونوا طيبي العشرة لا كضيفنا الثقيل المذكور»!!
في تلك اللحظة عرفت قصد مدام پرتيه من سردها قصة مغامرنا الغريب ذلك وانتبهت إلى أنها تعرف مشكلتي العويصة ، فاحمرت وجنتاي خجلا وأحسست جبيني يتفصد عرقا!؟ إذ إنني كنت أشكو وجود القمل والطفيليات الأخرى في جسمي بحيث لم يقض عليها استحمامي المكرر وتبديل ملابسي منذ وصلت إلى هذه المدينة ، والواقع أنني خلال سفرتي في ايران ونزولي مع زوجي في منازل قذرة في الطريق كان ذلك سببا في تلويث ملابسي وأن يجد القمل طريقه إليها وأن يتكاثر وأن يعشش فيها ..
وعلى أي حال لم أكن كصاحبنا المجهول الذي ذكرته مدام پرتيه وذكرت خوفه من الماء البارد والحار على السواء بل على العكس كنت اغتسل على الدوام ولكن المؤسف هو أنني كنت غافلة عن أن مياه البحر المالحة ـ على خلاف تقديري ـ تسبب تكثير القمل.
وإنني لم أصب بهذه «الكارثة» إلّا بفعل زيادة استحمامي بمياه الخليج في مدينة بوشهر الإيرانية التي أقمنا بها مدة طلبا للراحة وتخلصا من أوضار الطريق وقمله!
وأيّا كان الأمر فلم أر بدّا في النهاية من أن أحلق شعر رأسي كله