وعلى أن لا يحدثوا كنيسة ، وأن يعاونوا المسلمين ، ويرشدوهم ، ويصلحوا الجسور ، فإن تركوا شيئا من ذلك فلا ذمّة لهم. وكانت طوائف من العرب في الجاهلية ، قد نزلت الجزيرة ، وكانت منهم جماعة من قضاعة ، ثم من بني تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. قال عمرو بن مالك الزهري :
ألا لله ليل لم ننمه |
|
على ذات الخضاب مجنّبينا |
وليلتنا بآمد لم ننمها ، |
|
كليلتنا بميّافارقينا |
وينسب إلى آمد خلق من أهل العلم في كل فنّ ، منهم أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي الأديب ، كان بالبصرة يكتب بين يدي القضاة بها ، وله تصانيف في الأدب مشهورة ، منها كتاب المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء ، وكتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري ، وغير ذلك ، ومات في سنة ٣٧٠ ، وينسب إليها من المتأخرين أبو المكارم محمد بن الحسين الآمدي ، شاعر بغدادي مكثر مجيد مدح جمال الدين الأصبهاني وزير الموصل ، ومن شعره :
ورثّ قميص الليل ، حتى كأنه |
|
سليب بأنفاس الصّبا متوشّح |
ورفّع منه الذّيل صبح كأنه ، |
|
وقد لاح ، مسح أسود اللون أجلح |
ولاحت بطيّات النجوم كأنها ، |
|
على كبد الخضراء ، نور مفتّح |
ومات أبو المكارم هذا سنة ٥٥٢ وقد جاوز ثمانين سنة عمرا. وهي في أيامنا هذه مملكة الملك مسعود بن محمود بن محمد بن قرا أرسلان بن أرتق بن أكسب.
آمُ : بلد نسب إليه نوع من الثياب. وآم قرية من الجزيرة في شعر عديّ.
آمْدِيزَةُ : يلتقي في الميم ساكنتان ثم دال مهملة مكسورة وياء ساكنة وزاي : من قرى بخارا ، ويقال بغير مدّ ، وقد ذكرت في موضعها.
آمُلُ : بضم الميم واللام : اسم أكبر مدينة بطبرستان في السهل ، لأن طبرستان سهل وجبل ، وهي في الإقليم الرابع ، وطولها سبع وسبعون درجة وثلث ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف وربع. وبين آمل وسارية ثمانية عشر فرسخا ، وبين آمل والرّويان اثنا عشر فرسخا ، وبين آمل وسالوس ، وهي من جهة الجيلان ، عشرون فرسخا. وقد ذكرنا خبر فتحها بطبرستان ، فأغنى. وبآمل تعمل السّجّادات الطبرية ، والبسط الحسان ، وكان بها أول إسلام أهلها مسلحة في ألفي رجل ، وقد خرج منها كثير من العلماء ، لكنهم قلّ ما ينسبون إلى غير طبرستان فيقال لهم الطّبريّ ، منهم أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ المشهور ، أصله ومولده من آمل ، ولذلك قال أبو بكر محمد بن العبّاس الخوارزمي ، وأصله من آمل أيضا ، وكان يزعم أن أبا جعفر الطبري خاله :
بآمل مولدي ، وبنو جرير |
|
فأخوالي ، ويحكي المرء خاله |
فها أنا رافضيّ عن تراث ، |
|
وغيري رافضيّ عن كلالة |
وكذب لم يكن أبو جعفر ، رحمه الله ، رافضيّا ، وإنما حسدته الحنابلة فرموه بذلك ، فاغتنمها الخوارزمي ، وكان سبّابا رافضيّا مجاهرا بذلك ، متبجّحا به ، ومات ابن جرير في سنة ٣١٠. وإليها ينسب أحمد بن هارون الآملي ، روى عن سويد بن