الكاتب قال : سمعت عوّادة تغني في أبيات طريح ابن إسماعيل الثقفي في الوليد بن يزيد بن عبد الملك وكان من أخواله :
أنت ابن مسلنطح البطاح ، ولم |
|
تطرق عليك الحنيّ والولج |
الحني : ما انخفض من الأرض. والولج : ما اتسع من الأودية ، أي لم تكن بينهما فيخفى حسبك ، فقال بعض الحاضرين : ليس غير بطحاء مكة فما معنى هذا الجمع؟ فثار البطحاوي العلوي فقال : بطحاء المدينة وهو أجلّ من بطحاء مكة وجدّي منه ، وأنشد له :
وبطحا المدينة لي منزل ، |
|
فيا حبّذا ذاك من منزل |
فقال : فهذان بطحاوان فما معنى الجمع؟ قلنا : العرب تتوسع في كلامها وشعرها فتجعل الاثنين جمعا ، وقد قال بعض الناس : ان أقل الجمع اثنان وربما ثنوا الواحد في الشعر وينقلون الألقاب ويغيرونها لتستقيم لهم الأوزان ، وهذا أبو تمام يقول في مدحه للواثق :
يسمو بك السّفّاح والمنصور |
|
والمأمون والمعصوم |
فنقل المعتصم إلى المعصوم حتى استقام له الشعر ، وبالأمس قال أبو نصر بن نباتة :
فأقام باللّورين حولا كاملا ، |
|
يترقّب القدر الذي لم يقدر |
وما في البلاد إلّا اللّور المعروفة ، وهذا كثير ، وما زادنا على الصحيح والحزر ولو كان من أهل الجهل لهان ولكنه قد جس الأدب ومسه ، ومما يؤكد أنها بطحاوان قول الفرزدق :
وأنت ابن بطحاوي قريش ، فإن تشأ |
|
تكن في ثقيف سيل ذي أدب عفر |
قلت أنا : وهذا كله تعسف ، وإذا صح بإجماع أهل اللغة أن البطحاء الأرض ذات الحصى ، فكل قطعة من تلك الأرض بطحاء ، وقد سميت قريش البطحاء وقريش الظواهر في صدر الجاهلية ، ولم يكن بالمدينة منهم أحد ، وأما قول الفرزدق وابن نباتة فقد قالت العرب : الرقمتان ورامتان ، وأمثال ذلك تمر كثيرا في هذا الكتاب ، قصدهم بها إقامة الوزن فلا اعتبار به ، والله أعلم.
البُطاح : بالضم ، قال أبو منصور : البطاح مرض يأخذ من الحمّى ، والبطاحيّ مأخوذ من البطاح ، وهو منزل لبني يربوع ، وقد ذكره لبيد فقال :
تربّعت الأشراف ثم تصيّفت |
|
حساء البطاح ، وانتجعن السلائلا |
وقيل : البطاح ماء في ديار بني أسد بن خزيمة ، وهناك كانت الحرب بين المسلمين وأميرهم خالد بن الوليد كانت الحرب بين المسلمين وأميرهم خالد بن الوليد وأهل الردة ، وكان ضرار بن الأزور الأسدي قد خرج طليعة لخالد بن الوليد وخرج مالك بن نويرة طليعة لأصحابه فالتقيا بالبطاح فقتل ضرار مالكا ، فقال أخوه متمم بن نويرة يرثيه :
تطاول هذا الليل ما كاد ينجلي ، |
|
كليل تمام ما يريد صراما |
سأبكي أخي ما دام صوت حمامة |
|
تؤرّق ، في وادي البطاح ، حماما |
وأبعث أنواحا عليه بسحرة ، |
|
وتذرف عيناي الدموع سجاما |
وقال وكيع بن مالك يذكر يوم البطاح :