يقول : اغسلوني من ماء بضاعة ، فيغسل فكأنما أنشط من عقال ، وقالت أسماء بنت أبي بكر : كنّا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيعافون ، وقال أبو الحسن الماوردي في كتاب الحاوي من تصنيفه : ومن الدليل على أبي حنيفة ما رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن سفيط بن أبي أيوب عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قيل له : إنك تتوضّأ من بئر بضاعة وهي تطرح فيها المحائض ولحوم الكلاب وما ينحّي الناس ، فقال : الماء لا ينجّسه شيء ، فلم يجعل لاختلاط النجاسة بالماء تأثيرا في نجاسته ، وهذا نصّ يدفع قول أبي حنيفة ، اعترضوا على هذا الحديث بسؤالين ، أحدهما : أن بئر بضاعة عين جارية إلى بساتين يشرب منها والماء الجاري لا تثبت فيه النجاسة ، والجواب عنه : أن بئر بضاعة أشهر حالا من ان يعترضوا عليها بهذا السؤال ، وهي بئر في بني ساعدة ، قال أبو داود في سننه : قدّرت بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضه ستة أذرع ، وسألت الذي فتح لي البستان فأدخلني إليها : هل غيّر بناؤها عما كانت عليه؟ فقال : لا ، ورأيت فيها ماء متغيّر اللون ، ومعلوم أن الماء الجاري لا يبقى متغير اللون ، قال أبو داود : وسمعت قتيبة بن سعيد يقول : سألت قيّم بئر بضاعة عن عمقها فقال : أكثر ما يكون الماء فيها إلى العانة ، قلت : إذا نقص؟ قال : دون العورة ، والسؤال الثاني أن قالوا : لا يجوز أن يضاف إلى الصحابة أن يلقوا في بئر ماء يتوضّأ فيه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المحائض ولحوم الكلاب ، بل ذلك مستحيل عليهم وذلك بصيانة وضوء رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أولى ، فدلّ على ضعف هذا الحديث ووهائه ، والجواب عنه : أن الصحابة لا يصحّ إضافة ذلك إليهم ولا روينا أنهم فعلوا ، وإنما كانت بئر بضاعة قرب مواضع الجيف والأنجاس وكانت تحت الريح وكانت الريح تلقي ذلك فيها ، قال : ثم الدليل عليه من طريق المعنى أنه ماء كثير فوجب أن لا ينجس بوقوع نجاسة لا تغيّره قياسا على البعرة.
بَضَّةُ : بالفتح ، والتشديد. من أسماء زمزم ، قال الأصمعي : البضّ الرّخص الجسد وليس من البياض خاصّة ولكن من الرخوصة ، والمرأة بضّة.
وبضّ الماء يبضّ بضيضا إذا سال قليلا قليلا.
والبضض : الماء القليل. وركية بضوض : قليلة الماء.
البُضَيْضُ : بلفظ التصغير ، والبضيض : الماء القليل ، كما ذكر قبل هذه الترجمة ، وأظنّه موضعا في أرض طيّء ، قال زيد الخيل الطائي :
عفت أبضة من أهلها فالأجاول ، |
|
فجنبا بضيض فالصعيد المقابل |
فبرقة أفعى قد تقادم عهدها ، |
|
فليس بها إلّا النعاج المطافل |
يذكّرنيها ، بعد ما قد نسيتها ، |
|
رماد ورسم بالثّتانة ماثل |
وقال النبهاني :
أرادوا جلائي يوم فيد ، وقرّبوا |
|
لحى ورؤوسا للشهادة ترعس |
سيعلم من ينوي جلائي أنّني |
|
أريب ، بأكناف البضيض ، حبلبس |
الحبلبس : المقيم الذي لا يكاد يبرح المنزل.
البُضيْعُ : مصغر ، ويروى بالفتح في شعر حسان بن ثابت
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ، |
|
بين الجوابي فالبضيع فحومل؟ |