في موضعه. فلما كانت سنة ثمان للهجرة وجه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي حليف بني عبد شمس الى البحرين ليدعو أهلها الى الإسلام أو الى الجزية ، وكتب معه الى المنذر بن ساوي والى سيبخت مرزبان هجر يدعوهما الى الإسلام أو الى الجزية ، فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم. فأما أهل الأرض من المجوس واليهود والنصارى فإنهم صالحوا العلاء وكتب بينهم وبينه كتابا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا ما صالح عليه العلاء بن الحضرمي أهل البحرين ، صالحهم على أن يكفونا العمل ويقاسمونا الثمر ، فمن لا يفي بهذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأما جزية الرءوس فانه أخذ لها من كل حالم دينارا. وقد قيل : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وجّه العلاء حين وجّه رسله الى الملوك في سنة ستّ. وروي عن العلاء أنه قال : بعثني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الى البحرين ، أو قال : هجر ، وكنت آتي الحائط بين الأخوّة ، قد أسلم بعضهم ، فآخذ من المسلم العشر ومن المشرك الخراج. وقال قتادة : لم يكن بالبحرين قتال ، ولكن بعضهم أسلم وبعضهم صالح العلاء على أنصاف الحب والتمر. وقال سعيد بن المسيب : أخذ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الجزية من مجوس هجر ، وأخذها عمر من مجوس فارس ، وأخذها عثمان من بربر. وبعث العلاء بن الحضرمي الى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مالا من البحرين يكون ثمانين ألفا ، ما أتاه أكثر منه قبله ولا بعده ، أعطى منه العباس عمه. قالوا : وعزل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، العلاء وولّى البحرين أبان بن سعيد ابن العاصي بن أمية ، وقيل إن العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف ، وأبان على ناحية فيها الخط ، والأول أثبت ، فلما توفي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أخرج أبان من البحرين فأتى المدينة ، فسأل أهل البحرين أبا بكر أن يردّ العلاء عليهم ففعل ، فيقال : إن العلاء لم يزل واليا عليهم حتى توفي سنة ٢٠ ، فولّى عمر مكانه أبا هريرة الدوسي ، ويقال : ان عمر ولّى أبا هريرة قبل موت العلاء فأتى العلاء توّج من أرض فارس وعزم على المقام بها ثم رجع الى البحرين فأقام هناك حتى مات ، فكان أبو هريرة يقول : دفنّا العلاء ثم احتجنا الى رفع لبنة فرفعناها فلم نجد العلاء في اللحد. وقال أبو مخنف : كتب عمر بن الخطاب الى العلاء بن الحضرمي يستقدمه وولى عثمان بن أبي العاصي البحرين مكانه وعمان ، فلما قدم العلاء المدينة ولّاه البصرة مكان عتبة بن غزوان فلم يصل إليها حتى مات ، ودفن في طريق البصرة في سنة ١٤ أو في أول سنة ١٥ ، ثم ان عمر ولى قدامة ابن مظعون الجمحي جباية البحرين وولى أبا هريرة الصلاة والاحداث ، ثم عزل قدامة وحدّه على شرب الخمر ، وولى أبا هريرة الجباية مع الاحداث ، ثم عزله وقاسمه ماله ، ثم ولى عثمان بن أبي العاصي عمان والبحرين فمات عمر وهو واليهما ، وسار عثمان الى فارس ففتحها وكان خليفته على عمان والبحرين وهو بفارس أخاه مغيرة بن أبي العاصي. وروى محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : استعملني عمر بن الخطاب على البحرين فاجتمعت لي اثنا عشر ألفا ، فلما قدمت على عمر قال لي : يا عدو الله والمسلمين ، أو قال : عدو كتابه ، سرقت مال الله ، قال قلت : لست بعدو الله ولا المسلمين ، أو قال : عدو كتابه ، ولكني عدوّ من عاداهما ، قال : فمن أين اجتمعت لك هذه الأموال؟ قلت : خيل لي تناتجت وسهام اجتمعت ، قال : فأخذ منى