على قدر الإكليل ويعلقها عليه فإذا أراد سفرا أو لقاء عدوّ قبّلها وسجد لها وقال : يا رب افعل بي كذا وكذا ، فقلت للترجمان : سل بعضهم ما حجتهم في هذا ولم جعله ربّه؟ فقال : لأني خرجت من مثله فلست أعرف لنفسي موجدا غيره ، ومنهم من يزعم أن له ثلاثة عشر ربّا : للشتاء رب وللصيف رب وللمطر رب وللريح رب وللشجر رب وللناس رب وللدواب رب وللماء رب ولليل رب وللنهار رب وللموت رب وللحياة رب وللأرض رب ، والرب الذي في السماء هو أكبرهم إلا أنه يجتمع مع هؤلاء باتفاق ويرضى كل واحد منهم ما يعمل شريكه ، جلّ ربّنا عما يقول الظالمون والجاحدون علوّا كبيرا ، قال : ورأينا طائفة منهم تعبد الحيات وطائفة تعبد السمك وطائفة تعبد الكراكي فعرفوني أنهم كانوا يحاربون قوما من أعدائهم فهزموهم ، وأن الكراكي صاحت وراءهم فانهزموا بعد ما هزموا ، فعبدوا الكراكي لذلك ، وقالوا : هذه ربنا لأنها هزمت أعداءنا فعبدوها لذلك ، هذا ما حكاه عن هؤلاء ، وأما أنا فإني وجدت بمدينة حلب طائفة كثيرة يقال لهم الباشغردية ، شقر الشعور والوجوه جدا يتفقهون على مذهب أبي حنيفة ، رضي الله عنه ، فسألت رجلا منهم استعقلته عن بلادهم وحالهم ، فقال : أما بلادنا فمن وراء القسطنطينية في مملكة أمة من الأفرنج يقال لهم الهنكر ، ونحن مسلمون رعية لملكهم في طرف بلاده نحو ثلاثين قرية ، كل واحدة تكاد أن تكون بليدة ، إلا أن ملك الهنكر لا يمكّننا أن نعمل على شيء منها سورا خوفا من أن نعصى عليه ، ونحن في وسط بلاد النصرانية ، فشماليّنا بلاد الصقالبة وقبليّنا بلاد البابا يعني رومية ، والبابا رئيس الأفرنج ، هو عندهم نائب المسيح ، كما هو أمير المؤمنين عند المسلمين ، ينفذ أمره في جميع ما يتعلق بالدين في جميعهم ، قال : وفي غربيّنا الأندلس وفي شرقينا بلاد الروم قسطنطينية وأعمالها ، قال : ولساننا لسان الأفرنج وزيّنا زيهم ونخدم معهم في الجندية ونغزو معهم كل طائفة لأنهم لا يقاتلون إلا مخالفي الإسلام ، فسألته عن سبب إسلامهم مع كونهم في وسط بلاد الكفر؟ فقال : سمعت جماعة من أسلافنا يتحدّثون أنه قدم إلى بلادنا منذ دهر طويل سبعة نفر من المسلمين من بلاد بلغار ، وسكنوا بيننا وتلطّفوا في تعريفنا ما نحن عليه من الضلال ، وأرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام ، فهدانا الله ، والحمد لله ، فأسلمنا جميعا وشرح الله صدورنا للإيمان ، ونحن نقدم إلى هذه البلاد ونتفقّه ، فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها وولونا أمور دينهم ، فسألته : لم تحلقون لحاكم كما تفعل الأفرنج؟ فقال : يحلقها منا المتجندون ويلبسون لبسة السلاح مثل الأفرنج ، أما غيرهم فلا ، قلت : فكم مسافة ما بيننا وبين بلادكم؟ فقال : من هاهنا إلى القسطنطينية نحو شهرين ونصف ومن القسطنطينية إلى بلادنا نحو ذلك ، وأما الإصطخري فقد ذكر في كتابه : من باشجرد إلى بلغار خمس وعشرون مرحلة ، ومن باشجرد إلى البجناك ، وهم صنف من الأتراك ، عشرة أيام.
بَاشَك : شين مفتوحة ، وكاف : ناحية بالأندلس من أعمال طلبيرة.
بَاشُمْنَايا : الشين مضمومة ، والميم ساكنة ، ونون ، وألف ، وياء ، وألف : من قرى الموصل من أعمال نينوى في الجانب الشرقي ، منها : عثمان بن معلّى الباشمناني سمع أبا بكر محمد بن علي الحنّاي بالموصل سنة ٥٥٧.