الكتب القديمة أن سابور بنى بخوزستان مدينتين سمّى إحداهما باسم الله عز وجل ، والأخرى باسم نفسه ثم جمعهما باسم واحد وهي هرمزدادسابور ، ومعناه عطاء الله لسابور ، وسمّتها العرب سوق الأهواز يريدون سوق هذه الكورة المحوزة ، أو سوق الأخواز ، بالخاء المعجمة ، لأن أهل هذه البلاد بأسرها يقال لهم الخوز ، وقيل : إن أول من بنى الأهواز أردشير وكانت تسمّى هرمز أردشير ، وقال صاحب كتاب العين : الأهواز سبع كور بين البصرة وفارس ، لكل كورة منها اسم ويجمعهن الأهواز ولا يفرد الواحد منها بهوز ، وأما طالعها فقال بطليموس : بلد الأهواز طوله أربع وثمانون درجة وعرضه خمس وثلاثون درجة وأربع دقائق تحت إحدى عشرة درجة من السرطان وست وخمسين دقيقة ، يقابلها مثلها من الجدي ، وبيت عاقبتها مثلها من الميزان ، لها جزء من الشعرى الغميضاء ، ولها سبع عشرة دقيقة من الثور من أول درجة منه ، قال صاحب الزيج : الأهواز في الإقليم الثالث ، طولها من جهة المغرب خمس وسبعون درجة وعرضها من ناحية الجنوب اثنتان وثلاثون درجة ، والأهواز : كورة بين البصرة وفارس ، وسوق الأهواز من مدنها كما قدمناه ، وأهل الأهواز معروفون بالبخل والحمق وسقوط النفس ، ومن أقام بها سنة نقص عقله ، وقد سكنها قوم من الأشراف فانقلبوا إلى طباع أهلها ، وهي كثيرة الحمّى ووجوه أهلها مصفرّة مغبرة ، ولذلك قال مغيرة بن سليمان : أرض الأهواز نحاس تنبت الذهب وأرض البصرة ذهب تنبت النحاس ، وكور الأهواز : سوق الأهواز ورامهرمز وإيذج وعسكر مكرم وتستر وجنديسابور وسوس وسرّق ونهرتيرى ومناذر ، وكان خراجها ثلاثين ألف ألف درهم ، وكانت الفرس تقسّط عليها خمسين ألف ألف درهم ، وقال مسعر بن المهلهل : سوق الأهواز تخترقها مياه مختلفة ، منها : الوادي الأعظم وهو ماء تستر يمرّ على جانبها ومنه يأخذ واد عظيم يدخلها ، وعلى هذا الوادي قنطرة عظيمة عليها مسجد واسع ، وعليه أرحاء عجيبة ونواعير بديعة ، وماؤه في وقت المدود أحمر يصبّ إلى الباسيان والبحر ، ويخترقها وادي المسرقان وهو من ماء تستر أيضا ويخترق عسكر مكرم ، ولون مائه في جميع أوقات نقصان المياه أبيض ويزداد في أيام المدود بياضا ، وسكّرها أجود سكّر الأهواز ، وعلى الوادي الأعظم شاذروان حسن عجيب متقن الصنعة معمول من الصخر المهندم يحبس الماء على أنهار عدّة ، وبازائه مسجد لعليّ بن موسى الرّضا ، رضي الله عنه ، بناه في اجتيازه به وهو مقبل من المدينة يريد خراسان ، وبها نهر آخر يمرّ على حافاتها من جانب الشرق يأخذ من وراء واد يعرف بشوراب ، وبها آثار كسروية ، قال : وفتحت الأهواز فيما ذكر بعضهم على يد حرقوص بن زهير بتأمير عتبة بن غزوان أيّام سيره إليها في أيام تمصيره البصرة وولايته عليها ، وقال البلاذري : غزا المغيرة بن شعبة سوق الأهواز في ولايته بعد ان شخص عتبة ابن غزوان من البصرة في آخر سنة ١٥ ، أو أول سنة ١٦ ، فقاتله البيروان دهقانها ثم صالحه على مال ، ثم نكث فغزاها أبو موسى الأشعري حين ولّاه عمر البصرة بعد المغيرة ففتح سوق الأهواز عنوة ، وفتح نهر تيرى عنوة ، وولي ذلك بنفسه في سنة ١٧ ، وسبى سبيا كثيرا ، فكتب إليه عمر أنه لا طاقة لكم بعمارة الأرض فخلّوا ما بأيديكم من السبي واجعلوا عليهم الخراج ، قال : فرددنا السبي ولم تملكهم ، ثم سار أبو موسى ففتح سائر بلاد