الأفرنج إلى الأندلس وكان لا يرام ، ولا يمكن أحدا أن يدخل منه لصعوبة مسلكه ، فذكر بط ليموس أن قلوبطرة ، وهي امرأة كانت آخر ملوك اليونان ، أول من فتح هذه الطريق وسهّلها بالحديد والخلّ ، قلت : ولولا خوف الإضجار والإملال لبسطت القول في هذه الجزيرة ، فوصفها كثير وفضائلها جمّة وفي أهلها أئمة وعلماء وزهّاد ، ولهم خصائص كثيرة ومحاسن لا تحصى وإتقان لجميع ما يصنعونه مع غلبة سوء الخلق على أهلها وصعوبة الانقياد ، وفيها مدن كثيرة وقرى كبار ، يجيء ذكرها في أماكنها من هذا الكتاب ، حسب ما يقتضيه الترتيب ، إن شاء الله تعالى ، وبه العون والعصمة.
والأَنْدُلُس أَيضاً : محلّة كبيرة كانت بالفسطاط في خطّة المعافر ، وقال محمد بن أسعد الجوّاني ، رحمه الله ، في كتاب النّقط من تصنيفه : ومسجد الأندلس هو مصلّى المعافر على الجنائز ، وهو ما بين النّقعة والرباط ، وكان دكّة وعليه محاريب ، وقد ذكره القضاعي في كتابه ، قال : وبنته مكنون علم الآمرية أمّ بنيه ستّ القصور مسجدا في سنة ٥٢٦ على يد المعروف بابن أبي تراب الصّوّاف وكيلها ، والرباط إلى جانب الأندلس في غربيه ، بنته مكنون أيضا سنة ٥٢٦ رباطا للعجائز المنقطعات الصالحات والأرامل العابدات ، وأجرت لهن رزقا ، وفي سنة ٥٩٤ بنى الحاجب لؤلؤ العادليّ ، رحمه الله تعالى ، في رحبة الأندلس بستانا وحوضا ومقعدا ، وجمع بين مصلّى الأندلس والرباط بحائط بينهما جعل موضعه دار بقر للساقية التي تستقي الماء الذي يجري إلى البستان.
أَنْدَوَان : قرية من قرى أصبهان في ناحية قهاب قرب البلد كبيرة.
أُنْدُوشَر : بالضم ثم السكون ، والشين معجمة : حصن بالأندلس بقرب قرطبة ، منه : أبو إسحاق ابراهيم بن محمد بن سليمان اليحصبي الأندوشري ، كتب عنه السلفي شيئا من شعره بالإسكندرية ، وقال : كان من أهل الأدب والنحو أقام بمكة ، شرفها الله ، مدة مديدة ، وقدم علينا الإسكندرية سنة ٥٤٨ ، ومدحني وسافر في ركب إلى الشام متوجها إلى العراق ، وذكر لي أنه قرأ النحو بجيّان على أبي الرّكب النحوي المشهور بالأندلس وعلى غيره ، وكان ظاهر الصلاح.
أُنْدَة : بالضم ثم السكون : مدينة من أعمال بلنسية بالأندلس كثيرة المياه والرساتيق والشجر وعلى الخصوص التين فإنه يكثر بها ، وقد نسب إليها كثير من أهل العلم ، منهم : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن خيرون القضاعي الأندي ، سمع من أبي عمر يوسف بن عبد البرّ وحدّث عنه الموطأ ، ودخل بغداد سنة ٥٠٤ ، وسمع من أبي القاسم بن بيان وأبي الغنائم بن النّرسي ومن أبي محمد القاسم بن عليّ الحريري مقاماته في شوال من هذه السنة وعاد إلى المغرب ، فهو أول من دخلها بالمقامات ، قاله ابن الدّبيثي ، وينسب إليها أيضا أبو الحجاج يوسف بن علي بن محمد ابن عبد الله بن عليّ بن محمد القضاعي الأندي ، مات في سنة ٥٤٢ ، قاله أبو الحسن بن المفضل المقدسي وأبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن ابراهيم الأندي المعروف بابن الدّباغ ، حدث عن أبي عمران بن أبي تليد وغيره ، وله كتاب لطيف في مشتبه الأسماء ومشتبه النسبة ، سمع منه الحافظ أبو عبد الله محمد الأشبيري.