والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز» ، مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ
تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ ،) فكني بذلك عن النساء والوصف الجامع بينهما هو التأنيث ،
فالمعنى هنا يجوز حمله على جانب الحقيقة ، كما يجوز حمله على المجاز.
ثمّ يعرض ابن
الأثير بعد ذلك لاشتقاق لفظة «الكناية» مقررا أنّها قد تكون مشتقة من لفظة «الكنية»
أو من الستر ، إذ يقال كنيت الشيء إذا سترته.
كما يقرر أنّ
الكناية ليست نوعا مستقلا من المجاز ، وإنّما هي جزء من الاستعارة ، لأنّ
الاستعارة لا تكون إلّا بحيث يطوى المستعار له ، وكذلك الكناية فإنّها لا تكون
إلّا بحيث يطوى ذكر المكنّى عنه.
ونسبتها إلى
الاستعارة نسبة خاص إلى عام ، فيقال : كل كناية استعارة وليس كل استعارة كناية.
هذا فرق بينهما ، وفرق آخر هو أنّ الاستعارة لفظها صريح ، والصريح هو ما دلّ عليه
ظاهر لفظه ، والكناية ضدّ الصريح ، لأنّها عدول عن ظاهر اللفظ. فهذه فروق ثلاثة
بين الاستعارة والكناية ذكرهما ابن الأثير : أحدهما الخصوص والعموم ، والآخر
الصريح ، والثالث الحمل على جانب الحقيقة والمجاز.
وكما فرّق بين الكناية
والاستعارة ، فرّق أيضا بين الكناية والتعريض الذي عرفه بقوله : «هو اللفظ الدال
على الشيء عن طريق المفهوم ، لا بالوضع الحقيقي ولا المجازي» ، فإذا قال قائل لمن
يتوقع صلته ومعروفه بغير طلب : «والله إني لمحتاج ، وليس في يدي شيء ، وأنا عريان
، والبرد
__________________