سرد الأخبار ،
وكان حريصا في الكثير منها على التقيّد بالاسناد. ولعل كثرة دراسته للحديث وحفظه
لاسانيده قوّت هذا الحرص على الاسانيد في أخباره ، سواء أكانت عن شيوخ تتلمذ عليهم
، أم من كتب مسندة قرأها وحافظ على أسانيدها. نستثني بعض مقدمات كتبه التي راعى
فيها الاسلوب المألوف في عصره من سجع منمّق ، ولكنه في هذه المقدمات المسجوعة ماهر
يأتي السجع معه في أغلب المواضع بشكل فني جميل بارع قليل التكلف. وتختلف مقدمات
هذه الكتب باختلاف تاريخ تأليفها. فاذا تركنا المقدمات نرى أسلوبه أقرب إلى أسلوب
الكتاب في هذا العصر منه إلى أسلوب أكثرية الكتاب في عصره ، فهو بعيد عن التأنق
والبديع والاستعارات الجافة ، تنساق فيه الألفاظ مع المعاني التي يريدها انسياقا
طبيعيا ، لا تكلف ولا صنعة فيه ، فهو يقول مثلا : «كنت في زمان الصبا آخذ معي
أرغفة يابسة ، فأخرج في طلب الحديث ، وأقعد على نهر عيسى. فلا أقدر على أكلها إلا
عند المساء ، فكلّما أكلت لقمة شربت عليها» ويقول في فتح بيت المقدس : «وما زال
بيت المقدس مع الكفار إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة ، فقصده صلاح الدين النائب
هناك عن أمير المؤمنين الناصر لدين الله ، بعد أن ملك ما حوله ، فوصل الخبر الينا
في سابع وعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين ، أن يوسف ابن أيوب الملقب بصلاح الدين
فتح بيت المقدس وخطب فيه بنفسه وصلّى فيه».
ويقول في تلبيس
ابليس على العباد في العبادات.
«اعلم أن الباب
الأعظم الذي يدخل منه ابليس على الناس هو الجهل. فهو يدخل منه على الجهال بأمان.
وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مسارقة وقد لبس ابليس على كثير من المتعبدين بقلّة
علمهم» ص ١٣٤.
ويروي خبرا في باب
التنديد بالرقص عن سعيد ابن المسيب أنه سمع