أبيه. فعاد ابن الجوزي من منفاه شيخا في الخامسة والثمانين ، مكسور القلب يائسا ، ولم يلبث سوى سنتين حتى وافته المنية. وكان ذلك ليلة الجمعة في ١٢ رمضان سنة ٥٩٧ ه. وكان له مأتم عظيم ، حملت فيه جنازته على رؤوس الناس إلى مقبرة الامام أحمد ابن حنبل. وذكر حفيده أن بغداد لم تشهد مأتما أكثر حفلا منه منذ وفاة أحمد ابن حنبل (٧٨). وقال ابن الفرات : وكان يوما مشهودا بكثرة الخلائق وشدة الزحام ، حتى أنه أفطر جماعة من شدة الحر (٧٩). وقال أبو شامة نقلا عن سبط ابن الجوزي إن خلقا كثيرا ممن صحبه ما استطاعوا الوصول إلى حفرته من كثرة الزحام.
وأن الناس باتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات بالقناديل والشموع (٨٠). وقال ابن كثير : ودفن بباب حرب عند أبيه بالقرب من الامام أحمد وأوصى أن يكتب على قبره هذه الأبيات :
يا كثير العفو من كثرت ذنبي لديه |
|
جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرم يديه |
أنا ضيف وجزاء الضيف إحسان إليه (٨١) |
ومن الخير أن نشير هنا إلى أن ابنه يوسف هذا وعظ بعد وفاة أبيه تحت تربة والده. وانه أذن له بالجلوس على قاعدة والده ، وخلع عليه الخليفة القميص والعمامة وجعل على رأسه طرحة وكان له أولاد ثلاثة هم تاج الدين عبد الكريم ، وجمال الدين المحب ، وشرف الدين عبد الله ، وانه هو
__________________
(٧٨) سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٨١.
(٧٩) ابن الفرات المجلد ٤ ج ٢ ص ٢١٩ يذكر ابن الساعي ان وفاته كانت بداره بقطفتا ج ٩ ص ٦٧.
(٨٠) ابو شامة ٢٥.
(٨١) ابن كثير ٢٩ و ٣٠.