جده ، فكان كتابه خير مصدر لدرس حياة جده ومعرفة بعض آثاره العلمية ، وعنه أخذ أكثر المتأخرين.
وفي سنة ٥٧٤ أكمل ابن الجوزي أكبر مؤلفاته وأعظمها في نظر الكثيرين. وهو كتابه المعروف «بالمنتظم في اخبار الملوك والامم» (٦٨). وليس غريبا أن يكون قد تزوج هو نفسه في هذه الحقبة أو بعدها بقليل من امرأة ثانية لا نعرف من أخبارها سوى أن ابنها يوسف الذي ولد حوالي سنة ٥٧٥ ه. كان خير معين لوالده في محنته الكبرى التي سيجيء خبرها. وأصبح له بعد والده شأن كبير. وفي هذه السنة الأخيرة المذكورة مات الخليفة المستضيء وخلفه الناصر (٦٩).
استرجاع القدس من أيدي الصليبيين في عهده
وفي خلافة الناصر استرجع صلاح الدين الأيوبي القدس الشريف من أيدي الفرنجة سنة ٥٨٣ ه. وكانت قد أخذت في هذه الحقبة تلفت أنظار العالم الاسلامي بشكل خاص مرة أخرى ، وأخذ المؤلفون الغيارى يضعون الكتب في فضائلها ، إذ قبل استعادتها من أيدي الفرنجة كان ابن عساكر (ت ٥٧١ ه.) قد وضع كتابا في فضائل المدن المقدسة الثلاث. مكة والمدينة وبيت المقدس. وليس من شك في أن ابن الجوزي ألّف كتابه «فضائل القدس» بعد سنة ٥٨٣ ه. لأنه يذكر فيه النبأ الذي ورد إلى بغداد في أن صلاح الدين استرد القدس في تلك السنة. ولكن ليس في الكتاب
__________________
(٦٨) سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٢٤.
(٦٩) ابن العماد الحنبلي ٤ : ٢٥٠ وفيه قال ابن الجوزي في المنتظم : اظهر من العدل والكرم ما لم نره في اعمارنا ، وفرق ما لا عظيما في الهاشميين وفي المدارس ، وكان ليس للمال عنده وقع.