في ذلك الحفل جمهور من الوجهاء والاعيان ، فمنحه الخليفة المستضيء ، جائزة وخلع عليه خلعة نفيسة. وقدم هو بدوره للخليفة دعاء خاصّا. وافتخر في خطبته بأنه لم يعرف أحدا قبله أكمل تفسير القرآن كله من المنبر. وقال عن ذلك اليوم : «وكان يوما مشهودا وخرجت وبين يدي الدعاة وارتفعت الأدعية للخليفة ووقف الناس صفوفا مثل يوم العيد». ثم قال : «وأصاب أهل المذهب يعني الحنابلة من ذلك غمّ شديد لأنهم حسدوني». ونقل سبطه هذا الخبر ثم قال : «وقال جدي والله لو لا أحمد [يعني الامام ابن حنبل] والوزير ابن هبيرة لانتقلت عن المذهب. فاني لو كنت حنيفا أو شافعيا لحملني القوم على رؤوسهم» (٦٣).
وفي سنة ٥٧١ عقد عقد ابنته رابعة على ابن رشيد الطبري (٦٤) في حفل عظيم جرى في دار بنفشا احدى نساء الخليفة نفسه. وزفّت بعدها في الدار نفسها وجهزتها بمال عظيم (٦٥). وكانت بنفشا هذه حنبلية ساهمت في أن يكون لابن الجوزي مثل تلك المكانة في بلاط المستضيء ، (٦٦). وتمّ في هذه السنة نفسها زواج ابنه الثاني (أبي القاسم) من ابنة الوزير ابن هبيرة (٦٧) أما صهره زوج رابعة فلم يعش طويلا ، فزوجت ثانية من مملوك لابن هبيرة. وانجبا ولدا هو سبط ابن الجوزي الذي دوّن مآثر جده في كتابه العظيم «مرآة الزمان» ، ودوّن فيه ثبتا باسماء ما عرف من كتب
__________________
(٦٣) سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٠٦.
(٦٤) سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٠٩.
(٦٥) نقل السبط هذه الاخبار عن جده ، ثم علق عليها بقوله : ما قصد جدي بهذا الكلام الا الاعلام بمكانته وعلو منزلته عند الخليفة ، وان احدا من ابناء جنسه لم يصل الى مرتبته ٨ : ٢١٠.
(٦٦) وكانت بنفشا قد اشترت سنة ٥٧٠ دارا لاحد الوزراء واوقفتها على اصحاب احمد ابن حنبل ، وجعلتها مدرسة سلمتها الى ابن الجوزي ، وفوضت امرها اليه ، ووقفت عليها قرية. (سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٠٦ ، ٣٣١).
(٦٧) سبط ابن الجوزي ٨ : ٢٠٩.