ومع أن كثيرا من
هذه الأحاديث والأخبار لا تثبت أمام النقد العلمي وقد نقل بعضها عن أشخاص مثل كعب
الاحبار وأبي هريرة ولهذا فقد لا يقبلها العلماء النقاد من المحدّثين فان مجرد
تناقلها على ألسنة الرواة وتدوينها في أمثال هذه الكتب التي ذكرنا كان له وقع
وتأثير كبير في النفوس. وكان للخيال فيما بعد دوره في هذه الروايات فذكر ابن
الفركاح مثلا عن أبي ادريس الخولاني أنه قال : «يحوّل الله تعالى صخرة بيت المقدس
يوم القيامة مرجانة بيضاء بعرض السماء والأرض ثم يضع عليها عرشه ويضع ميزانه ويقضي
بين عباده ويصيرون منها إلى الجنة والنار» .
وكان ابن الجوزي
لا يزال حيا حين استرد المسلمون القدس من أيدي الصليبيين فأورد الخبر بعد خبر
استيلاء الصليبيين عليها واستغاثة المسلمين بأهل بغداد. ومن الغريب أنه لم يطل في
أخباره لا هنا ولا هناك واكتفى بالقول عن الاسترداد : «وما زالت بيت المقدس مع
الكفار إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة فقصده صلاح الدين النائب هناك عن أمير
المؤمنين الناصر لدين الله بعد أن ملك ما حوله ، فوصل الخبر الينا في سابع وعشرين
من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة أن يوسف ابن أيوب الملقب بصلاح الدين فتح بيت
المقدس وخطب فيه بنفسه وصلىّ فيه» . ولم يزد على ذلك ، وكم كنا نود لو زاد وتوسع لأنه معاصر
لتلك الاحداث. ومن يدري فلعل غمرة الفرح حالت دون ذلك.
ويظهر من الاخبار
أن ابن الجوزي لم يزر بيت المقدس في حياته ولو كان فعل لكان أطال في وصفه ولكان
وصفه أدق وأوفى. وقد عرض لفضائل القدس ومكانتها ولم يذكر شيئا يفيد أنه رآها وسنرى
من
__________________