اللغة الإغريقيّة في العهد الرومانيّ على اللغات الساميّة المحليّة ، ونجد أن النقوش الكتابيّة في جبيل ومحيطها ، كما في جميع الأنحاء الفينيقيّة قد أصبحت إغريقيّة ، وإن كانت لغتها في بعض الأحيان ركيكة وكثيرة الأخطاء ، كما في غير نقش ، ما يدلّ على أنّ النحّات كان يرسم الحرف دون أن يتقن اللغة.
مع هذا التطور في اللغة ، أصبح الفينيقيّون مهيّئين أكثر فأكثر للتجارة مع الغرب ، وتذكر المدوّنات أنّ تجارتهم قد ازدهرت في هذه الحقبة كما لم تزدهر لا من قبل ولا من بعد. وكان الكتّان الجبيليّ ، المصنوع من خيوط القنّب الذي كان يزرع محليّا ، من البضائع التي لاقت أهميّة خاصّة عند الرومان ، حتى أنّهم خفّضوا الضريبة على الكتّان الجبيليّ والصوريّ واللاذقانيّ. ومع الإقبال من جديد على الصناعات الخشبيّة وظهور خطر انقراض الأشجار ، جدّد الرومان أنظمة حماية الأحراج الذي وضعه أسلافهم اليونان ، غير أنّ جبيل بقيت تستفيد ، وإن إلى حدّ ، من أخشاب الأرز وسواه من الصنوبريّات.
على الصعيد الدينيّ توسّعت العبادة الجبيليّة حتّى غزت روما ، حيث شاعت عبادة أدونيس بين عامّة الناس ، وانتشرت حدائق الإله الجبيليّ في كافّة أنحاء روما ، حتّى وصلت إلى إشبيلية وإسبانيا ، وفي نابولي ومدن أغريقيّة عديدة وفي جزر الأرخبيل في البحر الإيجي. وقلّما تجد بلدا أوروبيّا خاليا من أثر فينيقيّ يعود إلى العهد الرومانيّ بلبنان ، ما يدلّ على الشأو الذي بلغه الفينيقيّون في هذه الحقبة وعلى المدى المفترض أن تكون جبيل قد بلغته في ازدهارها.
في الوقت نفسه شهدت المدن الفينيقيّة تطوّرا حضاريّا ملحوظا على الصعيد الفكريّ ، وإذا كانت جبيل لم تنجب مثلما أنجبت صور وصيدا من