(٥) أن تقع بعد مبتدأ هو قول ، أو فى معنى القول (١) ، وخبرها قول ، أو فى معناه أيضا ، والقائل واحد ، نحو : قولى : «إنى معترف بالفضل لأصحابه ، وكلامى : إنى شاكر صنيع الأصدقاء». فقولى ـ وهو المبتدأ ـ مساو فى مدلوله لخبر «إن» وهو : معترف بالفضل ، وخبر «إن» مساويه فى المدلول كذلك ؛ فهما فى المراد متساويان ، وقائلهما واحد ، وهو : المتكلم.
كذلك : «كلامى» ، مبتدأ ؛ معناه معنى خبر «إن» : (شاكر صنيع الأصدقاء) وخبر «إن» معناه معنى المبتدأ ؛ فالمراد منهما واحد ، وقائلهما واحد. وهمزة «إنّ» فيهما يجوز كسرها عند قصد الحكاية ؛ أى : ترديد الألفاظ ذاتها فتكون «إن» مع معموليها جملة. وقعت خبرا. ومع أنها محكية بالقول نصا تعرب فى محل رفع خبر المبتدأ ، ويجوز فتح الهمزة ذا لم تقصد «الحكاية» ؛ وأنما يكون المقصود هو التعبير عن المعنى المصدرىّ من غير تقيد مطلقا بنصّ العبارة الأولى المعينة ، ولا بترديد الجملة السابقة بألفاظها الخاصة فيكون المصدر المؤول من أن مع معموليها فى محل رفع خبر المبتدأ ، والتقدير : قولى ، اعترافى بالفضل لأصحابه ، وكلامى ، شكرى صنيع الأصدقاء.
فإن لم يكن المبتدأ قولا أو ما فى معناه وجب الفتح ، نحو : عملى أنى أزرع الحقل. والمصدر المنسبك خبر المبتدأ. ويجب الكسر إن لم يكن خبر «إن» قولا أو ما فى معناه ، مثل كلمة : «مستريح» فى نحو : قولى إنى مستريح. أو لم يكن قائل المبتدأ وخبر «إن» واحدا ؛ فلا يتساوى مدلول المبتدا والخبر ، ولا يتوافقان. ؛ نحو : كلامى إن المريض يصرخ. ففى هاتين الحالتين يجب كسر الهمزة ، وتكون «إنّ» مع معموليها جملة فى محل رفع خبر المبتدأ (٢) ...
__________________
(١) الذى فى معنى القول هو ما يدل دلالته من غير لفظه ؛ مثل : كلام .... ، حديث ... ، نطق ، ... ولا يراد هنا «للقول» بمعنى : «الظن» وعمله ؛ فقد سبق حكمه فى ص ٥٨٩ وأنه الفتح
(٢) ومما سبق نفهم كلام ابن مالك فى جواز الأمرين حيث يقول فى اختصار :
بعد إذا فجاءة ، أو قسم |
|
لا لام بعده ـ بوجهين نمى |
(يريد : نمى (أى : نقل عن السابقين) الوجهان ، هما : لفتح والكسر) بعد إذا فجاءة ، وبعد قسم لالام فى جملة جوابه ، ثم قال :
مع تدو «فا» الجزا وذا يطّرد |
|
فى نحو : «خير» القول إنّى أحمد |
أى : ومع تلو فاء الجزاء ، فكلمة : «مع» معطوفة على كلمة «بعد» ، التى فى أول البيت السابق بحرف العطف المحذوف ؛ وهو : الواو. يريد : بعد إذا فجاءة ، ومع تلو فاء الجزاء ، ثم قال : إن هذا الحكم بجواز الأمرين مطرد فى كل أسلوب على شاكلة : «خير القول إنى احمد» وهى الحالة الرابعة ـ التى شرحناها. ويلاحظ فى أمثاله أن المبتدأ كلمة ؛ خبر) ليس قولا ، ولكنه مضاف للقول فهو بمنزلته ..