المثبت ـ دلت على أن انقضاء زمنه قريب من الحال ؛ فمثل : «خرج الصاحبان» يحتمل الماضى القريب والبعيد ، بخلاف : «قد خرج الصاحبان ؛ فإن ذلك الاحتمال يمتنع ، ويصير زمن الماضى قريبا من الحال ؛ بسبب وجود : قد ، وإذا وجدت قبله «ما» النافية كان معناه منفيا ، وكان زمنه قريبا من الحال ؛ كأن يقول قائل : قد سافر علىّ ، فتجيب : ما سافر علىّ ؛ فكلمة : «قد» أفادته فى الجملة الأولى المثبتة قربا من الزمن الحالى ، وجاءت كلمة : «ما» النافية فنفت المعنى ، وأفادته القرب من الزمن الحالىّ أيضا ، ولا سيما مع القرينة الحالية السابقة (١). وكذلك يكون زمنه ماضيا قريبا من الحال إذا كان فعلا ماضيا من أفعال «المقاربة» ؛ (مثل : «كاد») فإن زمنه ماض قريب من الحال ؛ بل شديد القرب من الحال ، ليساير المعنى المراد ـ كما سيجىء فى باب أفعال المقاربة ـ.
الثانية : أن يتعين معناه فى زمن الحال (أى : وقت الكلام). وذلك إذا قصد به الإنشاء ؛ فيكون ماضى اللفظ دون المعنى ؛ مثل : بعت. واشتريت. ووهبت ، وغيرها من ألفاظ العقود التى يراد بكل لفظ منها إحداث معنى فى الحال. يقارنه فى الوجود الزمنى ، ويحصل معه فى وقت واحد. أو كان من الأفعال الدالة على «الشروع». مثل : «طفق وشرع» وغيرهما مما سيجىء الكلام عليه فى باب : «أفعال المقاربة»
__________________
ـ منه بفاصل ، اللهم إلا بالقسم و...)» اه.
ولكن رأيهما فى اشتراط الإثبات مدفوع فى المضارع المنفىّ ، بالسماع المتعدد الصحيح الوارد عن الفصحاء الذين يستشهد بكلامهم ، ومن هذا المثل العربى الوارد فى كتاب لسان العرب فى مادة «ذام» ونصه :
(١) جاء فى شرح المفصل ج ٨ ص ١٠٧ ما ملخصه عن كلمة : «ما» النافية : إنها لنفى الحال ، فإذا قيل عن شخص : هو يفعل الآن كذا ـ وزمان المضارع هنا : الحال ـ وأردت أن تنفيه ، قلت : ما يفعل. فقد سلبت معنى الفعل فى الزمن الحالى ونفيته. ولو كان الفعل ماضيا قريبا من الحال بسبب وجود : «قد» قبله ـ وهى مما يقرب زمنه للحال ، كما عرفنا ، وأردنا نفيه ، أتينا بكلمة : «ما» النافية ، نحو : ما سافر محمد ، لأنها تقرب زمن الماضى المنفى. من الزمن الحالى ... ثم قال :
(ما محمد منطلق) هو نفى لجملة مثبتة هى : (محمد منطلق) إذا أريد بها الحال ، وإن شئت أعملت على لغة أهل الحجاز ؛ فقلت : ما محمد منطلقا.
ـ وستجىء إشارة لهذا فى أول م ٤٨ ـ