عدّها (١) هذا إلى أن تلك المواضع الكثيرة يمكن تجميعها وتركيزها فى نحو أحد عشر تغنى عن العشرات التى سردوها. وإليك الأحد عشر.
١ ـ أن تدلّ النكرة على مدح ، أو ذم ، أو تهويل ؛ مثل : (بطل فى المعركة. خطيب على المنبر) ـ (جبان مدبر. جاسوس مقبل) ـ (بلاء فى الحرب ، جحيم فى الموقعة).
٢ ـ أن تدل على تنويع وتقسيم ؛ مثل رأيت الأزهار ، فبعض أبيض ، وبعض أحمر ، وبعض أصفر ... عرفت فصل الخريف متقلبا ؛ فيوم بارد ، ويوم حارّ ، ويوم معتدل. وقول الشاعر :
فيوم علينا ، ويوم لنا |
|
ويوم نساء ، ويوم نسرّ |
٣ ـ أن تدل على عموم ؛ نحو : كلّ محاسب على عمله. وكلّ مسئول عما يصدر منه ؛ فمن (٢) يعمل مثقال ذرّة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره.
٤ ـ أن تكون مسبوقة بنفى ، أو استفهام ؛ مثل : ما عمل بضائع ، ولا سعى بمغمور. فمن (٣) منكر هذا؟ وقول من طالت غربته :
وهل داء أمرّ من التّنائى؟ |
|
وهل برء أتمّ من التّلاقى؟ |
٥ ـ أن تكون النكرة متأخرة ، وقبلها خبرها ؛ بشرط أن يكون مختصّا (٤) ؛
__________________
(١) وكذلك فعل سيبويه والمتقدمون ؛ ولهذا يرى بعض النحاة بحق ألا داعى لهذا الشرط ؛ لأنه مفهوم بداهة ، إذ لا يتكلم عاقل بغير ما يفيد ، وإلا عرض نفسه وكلامه للحكم عليه بما لا يرضاه. أما المتأخرون فتوقعوا أن يخطىء كثير مواضع الإفادة فحاولوا أن يدلوهم عليها ؛ بحصر مواضعها ، واستقصائها ؛ فأطالوا بغير حاجة ، أو اختصروا مع الإخلال.
(٢) «من» شرطية. وهى تفيد العموم ؛ كباقى أدوات الشرط ، وكأسماء الاستفهام التى تقع مبتدأ ، مثل : أى جاء؟ ـ من هنا؟ ومثل هذا الشرط والاستفهام يدل على العموم بنفسه مباشرة ؛ لا بكلمة أخرى سبقته.
(٣) المبتدأ هنا اسم استفهام نكرة ، فلا يحتاج لمسوغ آخر. ولا مانع أن تكون أداة النفى ناسخة فيصير المبتدأ النكرة اسمالها ، ولهذا يصح اعتبارا «ما» و «لا» اللتين فى هذا المثال عاملتين ومثلهما «ليس» فى قول الشاعر :
ليس شىء أعزّ عندى من العل |
|
م ؛ فما أبتغى ـ سواه أنيسا |
هذا ، ومن مسوغات الابتداء يا لنكرة أن يدخل عليها ناسخ ـ أى ناسخ ـ فتصير اسما له ، ولا تسمى مبتدأ ـ كما سيجىء فى رقم ١١ من وص ٤٤٣ ص ٤٩٢. وص ٤٩٥
(٤) المقصود بالاختصاص هنا : أن يكون المجرور فى الخبر الواقع جارا مع مجروره ، وأن يكون المضاف إليه فى الخبر الواقع ظرفا ، وأن يكون المسند إليه فى الخبر الواقع جملة ، أن يكون كل واحد مما سبق صالحا بنفسه لأن يكون مبتدأ ؛ فلا يجوز فى إنسان ترفع. ولا عند عند رجل إباء ، ولا ولد له ولد رجل ...