المرء ما عاش ممدود له أمل |
|
لا تنته العين حتى ينته الأثر (١) |
ومصدرية غير ظرفية (٢) ، مثل : : فزعت مما أهمل الرجل ؛ أى : من إهمال الرجل ... ودهشت مما ترك العمل ، أى : من تركه العمل. وقول العرب : «أنجز حرّ ما وعد (٣) ،
وكلاهما تكون صلته فعلية ماضوية (٤) ؛ كالأمثلة السابقة ، أو مضارعية (٥) ؛ نحو : لا أجلس فى الحديقة ما لم تجلس فيها. أى : مدة عدم جلوسك فيها. وإنى أبتهج بما تكرم الأخوان ، أى : بإكرامك الإخوان ومثل قول الشاعر :
__________________
(١) أى : لا تنته العين من التطلع إلى الأشياء التى تدعو للأمل إلا بانتهاء الأجل.
(٢) علامتها أن يصلح فى مكانها «أن» المصدرية. لكنها لا تنصب المضارع كما تنصبه (أن) و «أن» المصدرية الداخلة على الماضى لا تغير زمنه ، بل تتركه على حاله ، وتخلص زمن المضارع للمستقبل. ولا تدل على الحال مطلقا. بخلاف «ما» المصدرية بتوعيها فتصلح للأزمنة الثلاثة على حسب المعنى والقرينة. ، والأكثر أن تكون للحال. وراجع الملاحظة رقم ٥ من هامش ص ٣٧٠ ـ والبيان فى رقم ٣ من هامش ص ٣٧٩)
وقد يختلط الأمر ـ على غير الفطن ـ بين «ما» التى هى اسم موصول والتى هى حرف موصول فى مثل : أعجبنى ما صنعت! وسرنى ما لبست : إذ يجوز أن تكون «ما» اسم موصول فيهما ، والعائد محذوف تقديره : ما صنعته ، وما لبسته ، كما يجوز أن تكون «ما» حرف موصول ، ولا شىء محذوف ، والتقدير ؛ أعجبنى صنعك ، وسرنى لبسك. وهذا صحيح فى المثالين السابقين وأشباههما ؛ حيث يجوز الأمران عند عدم وجود قرينة توجه إلى أحدهما دون الآخر ؛ كأن يكون المصنوع والملبوس أمرا معينا معروفا ، والحديث متجه إلى ذاته ومادته ؛ فتكون «ما» اسم موصول. أما إن كان المراد التحدث عن المعنى المجرد ، أى : الحدث ، وهو الصنع نفسه ، أو اللبس ـ فإن «ما» حرف موصول.
وهناك حالة يتعين فيها أن تكون «ما» حرف موصول ؛ هى : أن يكون الفعل بعدها لازما ، أو يكون متعديا قد استوفى مفعوله ؛ مثل : (وضاقت عليهم الأرض بما رحبت) و (يسرّ المرء ما ذهب الليالى ...) لأن الفعل بعدها لازم ؛ فلو كانت اسم موصول لم نجد عائدا ، ولا يصح تقدير ضمير. ومثله : أعجبنى ما قمت ؛ للسبب السابق أيضا ، ومثل : سرنى ما قرأت الصحف ـ وما كتبت الرسائل ؛ فالفعل فيهما متعد قد استوفى مفعوله ، ولا يصح فيه تقدير ضمير مفعول آخر. (وسيجىء فى باب : «كان» ص ٥١٠ ـ كلام عن «ما» المصدرية الظرفية بمناسبة البحث فى : ما دام ، كما أشرنا فى رقم ٤ من هامش الصفحة السابقة).
(٣) أى : وعده. وهذا مثل قديم يقال بهذه الصيغة الخبرية لمدح من وعد فأنجز كما يقال لمن وعد ولم ينجز ، يقصد تحريضه وحثه على الإنجاز.
(٤) إذا وقعت صلة : «ما» المصدرية الظرفية جملة ما ضوية فعلها : «دام» الناسخ وجب أن تكون هى وصلتها معمولة لفعل مضارع قبلها ـ كما سيجىء البيان عند الكلام عليها فى ص ٥١٠ (٥) بشرط أن يكون الفعل الماضى والمضارع متصرفين ولو تصرفا ناقصا كما فى الفعل : «دام» عند من يقول بأن لها مضارعا ومصدرا ناسخين مثلها ، وهو قول مرجوح يحسن إهماله ، لضعفه ـ كما سيجىء عند الكلام على شروط عملها فى موضعها الأصيل ، وهو باب «كان» ـ وإذا ارتضينا الرأى القائل بعدم تصرفها مطلقا وجب عدها من الأفعال القليلة الجامدة التى تلزم المضى وتدخل عليها «ما المصدرية غير الظرفية» و «ما المصدرية الظرفية» فإنهما قد يوصلان بالفعل الجامد (خلا ـ عدا ـ ومثلهما : «حاشا» فى رأى.) فى الاستثناء ـ كما سبق فى ص ٣٧٠ ـ أما وصلهما بالأمر فممتنع.