تلك حالة حذف العائد المجرور ، وهى كثيرة فى الأساليب العالية (١).
__________________
(ب) وأن يكون هذا الحرف الجار كالحرف الذى يجر الرابط لفظا ، ومعنى ، ومتعلقا ؛ (والمتعلق هو : العامل ، ويكفى فيه هنا التشابه) فلا يجوز حذف الرابط عند اختلاف حرفى الجر. فى شىء من هذا ؛ كاختلاف لفظهما ومعناهما معا ؛ نحو : رغبت عن الذى أنت راغب فيه ؛ أو : فى لفظهما دون معناهما ؛ نحو : جلست بالحجرة التى أنت جالس فيها (لأن معنى «الباء» و «فى» الظرفية) أو فى معناهما دون لفظهما ؛ نحو : مررت بالذى مررت به على محمود. والمراد : مررت بالذى مررت معه على محمود ؛ فالباء الأولى بمعنى : الإلصاق ، والثانية بمعنى المصاحبة (مع) ، أو اختلاف متعلقهما ، نحو رغبت فى الذى أنت زاهد فيه.
(ح) ألا يكون الرابط عمدة.
(د) ألا يكون الرابط محصورا.
(ه) ألا يكون حذفه موقعا فى لبس.
هذا ، ويجيز بعض النحاة حذف الرابط المجرور إذا تعين المحذوف ولم يوقع فى لبس ، تطبيقا للقاعدة العامة التى تنص على أن ما لا ضرر فى حذفه لا خير فى ذكره. ويكتفون من الشروط بهذا ، ويذكرون من أمثلته قوله تعالى : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) ، أى : به. وقول الشاعر :
ومن حسد يجور على قومى |
|
وأى الدهر ذو لم يحسدونى |
أى الذى لم يحسدونى فيه ... وهذا رأى حسن والأخذ به فى جميع الشئون اللغوية مقصد بلاغى قويم.
(١) وفى حذف العائد المجرور يقول ابن مالك :
كذاك حذف ما بوصف خفضا |
|
كأنت قاض. بعد أمر من : قضى |
كذا الّذى جرّ بما الموصول جرّ |
|
كمرّ بالذى مررت ؛ فهو برّ |
أى : كذلك يجوز حذف الرابط المجرور إذا كان عامله وصفا (بالتفصيل الذى سبق) ومن أمثلته ، كلمة : «قاض» الواقعة بعد فعل أمر ، ماضيه «قضى» يشير إلى قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) ، أى : ما أنت قاضيه. وهذا هو النوع الأول من العائد المجرور الذى يكون عامله وصفا مضافا. أما النوع الثانى فهو العائد المجرور بما جر الموصول ، أى : بحرف جر كالذى جر الموصول : لفظا ، ومعنى ، وتعلقا ... إلخ. نحو : مر بالذى مررت : أى به ...