المسألة ٢٨ :
حذف الرابط (أى : العائد)
لا بد لكل موصول من صلة. فإن كان اسميّا وجب أن تشتمل صلته على رابط ؛ هو : الضمير ، أو ما يقوم مقامه ، كما أسلفنا.
وهذا الضمير الرابط قد يكون مرفوعا ؛ مثل «هو» فى نحو : خير الأصدقاء من هو عون فى الشدائد ... ، أو منصوبا ، مثل «ها» فى نحو : ما أعجب الآثار التى تركها قدماؤنا ، أو مجرورا ؛ مثل : «هم» فى نحو : أصغيت إلى الذين أصغيت إليهم.
والرابط فى كل هذه الصور ـ وأشباهها ـ يجوز ذكره فى الصلة كما يجوز حذفه ، بعد تحقق شرط عام ، هو : وضوح المعنى بدونه ، وأمن اللبس (ومن أهمّ مظاهر أمن اللبس ألا يكون الباقى بعد حذفه صالحا صلة) (١). غير أن هناك شروطا خاصة أخرى تختلف باختلاف نوع الضمير يجب تحققها قبل حذفه ، سواء أكان اسم الموصول هو «أىّ» أم غيرها. وفيما يلى التفصيل :
(ا) إن كان الضمير الرابط مرفوعا لم يجز حذفه إلا بشرطين : أن تكون الصلة جملة اسمية ، المبتدأ فيها هو الرابط ، وأن يكون خبره مفردا (٢). كأن يسألك سائل.
__________________
(١) وقد يصح الاستغناء عنه ، فى بعض حالات كما سبق فى «ب» من ص ٣٤٣ وكما سيجىء فى «ا» من ص ٣٦٣. والمراد بالاستغناء هنا : أنه غير ملاحظ مطلقا ؛ لا لفظا ولا تقديرا بخلاف العائد المحذوف أو المستتر فإنه ملاحظ.
(٢) لأن الخبر المفرد لا يصلح أن يكون صلة بعد حذف المبتدأ ، وأيضا لأنه يدل على المحذوف ، ويرشد إليه. هذا ويختلف معنى الإفراد باختلاف موضوعات النحو ؛ فيراد به فى موضوع الخبر : ما ليس جملة ، ولا شبه جملة. وقد اقتصرنا على أهم الشروط لحذف العائد المرفوع. وهناك شروط أخرى لحذفه ؛ منها ألا يكون معطوفا ؛ مثل : رأيت الذى حامد وهو صديقان. فالمعطوف هنا ليس مبتدأ ولكنه معطوف على المبتدأ ؛ فهو فى حكمه. وحذف المعطوف يؤدى إلى بقاء الحرف العاطف بدون المعطوف ؛ وهو ممنوع ـ إلا فى مسائل معدودة ، سردناها فى ـ ج ٣ ـ باب العطف ، وهى غير التى نحن بصددها ، كما يؤدى حذف العاطف والمعطوف معا ، إلى إظهار الكلام بصورة الإخبار بالمثنى عن المفرد ؛ وهى صورة معيبة فى مظهرها ، كما يقولون!!
ومنها : ألا يكون معطوفا عليه ، نحو : تكلم الذى هو وحامد عالمان ؛ كى لا يقع حرف العطف ـ