أحسن وأسمى فى الأساليب الأدبية العالية ـ كما ستجىء الإشارة لهذا فى رقم ٨ من ص ٤٥٤ ، وتكملتها فى رقم ٣ من هامش ص ٤٥٥.
(ب) عرفنا (١) أن كلمة «هنا» اسم إشارة للمكان القريب ، وظرف مكان معا. وقد تقع : «هناك» و «هنالك» و «هنّا» المشددة ـ أسماء إشارة للزمان ؛ فتنصب على الظرفية الزمانية ؛ مثل قول الشاعر :
وإذا الأمور تشابهت وتعاظمت |
|
فهناك يعترفون أين المفزع |
أى : فى وقت تشابه الأمور. وكقوله تعالى عن المشركين (٢) : (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ...) إلى أن قال : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) ، أى : فى يوم حشرهم.
وكقول الشاعر :
«حنّت نوار ولات هنّا حنّت |
|
وبدا الذى كانت نوار أجنت». |
أى : ولات فى هذا الوقت حنين (٣).
(ح) يطلق النحاة على أسماء الإشارة وأسماء الموصول اسما خاصّا ؛ هو «المبهمات» ، لوقوعها على كل شىء ؛ من حيوان ، أو نبات ، أو جماد ، وعدم دلالتها على شىء معين ، مفصّل مستقل إلا بأمر خارج عن لفظها ؛ فالموصول لا يزول إبهامه إلا بالصلة ، نحو : رجع الذى غاب ، كما سيجىء (٤). واسم. الإشارة لا يزول إبهامه إلا بما يصاحب لفظه من إشارة حسية كما عرفنا. ولذلك يكثر بعده مجىء النعت ، أو البدل ، أو عطف البيان ؛ لإزالة إبهامه ، ومنع اللبس عنه ؛ تقول ؛ جاء هذا الفضل. جاء هذا الرجل (٥).
__________________
(١) فى ص ٢٩٥.
(٢) فى سورة : يونس ، ورقم الآية ٢٨ ، وما بعدها.
(٣) «لات» فى الشاهد : مهملة ، لا تعمل عمل «لا». بسبب تقديم الخبر وهو : «هنا». ولا يصح أن تكون : «هنا» اسمها : لأنها ظرف غير متصرف ـ كما سبق فى ص ٢٩٥ ـ ولا تخرج عن الظرفية إلا لشبهها ، وهو هنا الجر بالحرف «من» أو : «إلى» ... فلا تكون اسما لناسخ ، ولا غير ذلك ، ولانها معرفة ، و «لات» لا عمل لها فى المعرفة. (ومما يلاحظ أن خروجها عن الظرفية قد يكون إلى الجر بالحرف «إلى» وهذا لا يكون فى غيرها وغير «ثم» ، و «أين» ومثلها : «متى» لكن هذا الظرف قد يجر بالحرف : «حتى» أيضا ـ دون بقية الظروف غير المتصرفة ؛ فإنها ـ غالبا ـ لا تخرج إلى الجر بهذا الحرف كما سبق فى رقم ١ من هامش ص ٣٠٢). وسيجىء الكلام على هذا الشاهد عند الكلام على : لات ص ٥٤٨.
(٤) فى رقم ٣ من هامش ص ٣٠٦.
(٥) إذا كان ما بعد اسم الإشارة مشتقا فإعرابه نعتا هو الأفضل. أما إذا كان جامدا فالأفضل إعرابه بدلا ، أو عطف بيان ـ لما سيجىء فى بابهما ج ٣ ـ كل ذلك ما لم يوجد مانع.