أما القسم الثانى من أسماء الإشارة ، وهو الذى يلاحظ فيه المشار إليه من ناحية قربه ، أو بعده ، أو توسطه بين القرب والبعد ؛ فإنه ثلاثة أنواع :
(ا) الأسماء التى تستعمل فى حالة قربه. هى : كل الأسماء السابقة الموضوعة للمفرد ، والمفردة ، والمثنى والجمع ، بنوعيهما ، من غير اختلاف فى الحركات أو الحروف ، ومن غير زيادة شىء فى آخرها.
(ب) الأسماء التى تستعمل فى حالة توسطه للدلالة على أن المشار إليه متوسط الموقع بين القرب والبعد ، هى : بعض الأسماء السابقة بشرط أن يزاد فى آخر اسم الإشارة الحرف الدال على التوسط ، وهذا الحرف هو : «كاف الخطاب الحرفية (١). فإنها وحدها ـ بغير اتصال لام البعد بها ـ هى الخاصة بذلك. وهى تلحق الآخر من بعض أسماء الإشارة ، دون بعض آخر ؛ فتلحق آخر أسماء الإشارة التى للمفرد المذكر ، والتى للمثنى ، والتى للجمع بنوعيهما ؛ نحو : ذاك المكافح محبوب ـ ذانك المكافحان محبوبان ـ تانك الطبيبتان رحيمتان ـ أولئك المقاومون للظلم أبطال ، أو : أولاك (بمد كلمة : «أولاء» وقصرها).
__________________
ـ ص ١٧٠ وكما يجىء فى رقم ١ من هامش ص ٣١٠ وكذا رقم ١ من هامش ص ٤٥٠ م ١٧٠ ج ٤ ـ يكون فى المعرب وفى المبنى كما نرى هنا فى كلمة : «أولاء» أما عند النحاة فمقصوران على المعرب.
والمقصود بالمد فى البيت السالف (فى رقم ٣) الإشباع الذى شرحناه فى رقم ٥ من هامش ص ٢٩٠ وهو المد الصرفى الذى يقضى بوجود همزة فى آخر الكلمة بعد ألف المقصور. أما الهمزة التى فى أول كلمة : «أولى» فلا يصح إشباعها عند النطق بها ، بالرغم من أن قواعد الإملاء توجب زيادة واو بعدها فى الكتابة للفرق بينها وبين كتابة : «الأولى» التى هى اسم موصول ـ كما ستجىء فى رقم ١ من هامش ص ٣١٠ ـ وهذه العلة لا تثبت اليوم على التمحيص. وقد آن الوقت لإعادة النظر فى قواعد الإملاء على يد المختصين بهذه الشئون ولا سيما المجمع اللغوى.
(١) هذه الكاف حرف مبنى ، وليست ضميرا ؛ فلا يصح أن يكون اسم الإشارة مضافا ؛ وهى مضاف إليه ؛ لأنها حرف كما قلنا ؛ ولأن اسم الإشارة بجميع أنواعه ـ حتى المثنى منه ـ لا يضاف ، لأنه (ما عدا المثنى) مبنى ـ كما سيجىء فى رقم ١ من هامش ص ٣٠١ ـ ، والمبنى فى أكثر حالاته لا يضاف. ومع أن هذه الكاف حرف خطاب فإنها فى غير كلمة : «هنا» الآتية فى ص ٢٩٥ ـ تتصرف (كما تتصرف الكاف الاسمية التى هى ضمير خطاب على حسب المخاطب) فتكون الحرفية مبنية على الفتح للمخاطب المفرد ، المذكر ، وعلى الكسر للمخاطبة نحو : ذاك ـ ذاك. وتلحقها علامة التثنية ، وميم جمع المذكر ، ونون النسوة ؛ نحو : ذاكما ـ ذاكم ـ ذاكن. وهذا هو «التصرف الكامل» وهو أشهر اللغات وأسماها ، ويحسن الأخذ به وحده ؛ لأنه يساعد على زيادة الإيضاح ومنع اللبس. وهناك لغة أخرى لا تلحق بها علامة ، وتبنيها على الفتح لكل أنواع المخاطب المذكر ، وعلى الكسر لكل أنواع المخاطب المؤنث. وهذا هو «التصرف الناقص». وهو فى درجته أقل من الأول. ويلى هذا «عدم تصرفها» مطلقا. فتبنى على الفتح فى جميع أحوال الخطاب.