مسألة من القرآن
قول الله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)(١) قرئ بكسر اللّام ونصب الفعل على أن تكون (إن) على مذهب البصريين مخفّفة من الثقيلة وتكون اللام بمعنى كي (٢). وقال بعضهم يجوز أن تكون (إن) نافية بمعنى (ما) التي تكون جحدا ، كأنه ما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، استحقارا بمكرهم من أن تزول منه الجبال ، وهذا جيّد في المعنى ، إلّا أنه ضعيف في العربيّة ؛ لأنّ اللام لا تدخل على (إن) إذا كانت نافية ، وقد قرئ : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) على أن نجعل (إن) هي المخفّفة
__________________
(١) الآية : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ). إبراهيم ١٤ : ٤٦.
(٢) وقال ابن هشام : «وزعم كثير من الناس في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ ،) في قراءة غير الكسائي بكسر اللام الأولى وفتح الثانية أنها لام الجحود. وفيه نظر ؛ لأن النافي على هذا غير (ما) و (لم) ، ولاختلاف فاعلي كان وتزول. والذي يظهر لي أنها لام كي ، وأن (إن) شرطية ، أي : وعند الله جزاء مكرهم ، وهو مكر أعظم منه ، وإن كان مكرهم لشدّته معدّا لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال ، كما تقول : أنا أشجع من فلان وإن كان معدّا للنوازل.» المغني ١ : ٢٣٣.