غلط ؛ لأنّ اللّام للإيجاب والتحقيق ، و (ما) للنفي ، فلا يجوز اجتماعهما في حال ، فيكون الكلام محقّقا منفيا ؛ ألا ترى أنك لو أظهرت (ما) في هذه الآيات لم يجز ، لو قلت : ما كنت من قبله لمن الغافلين ، وما زيد لقائم ، لم يجز ، وإنّما يكون الشيء موضوعا موضع غيره إذا كان معناه كمعناه ، فأمّا إذا باينه فحمله عليه خطأ.
وأمّا مجيء (إن) بمعنى (ما) إذا كان بعدها (إلّا) فسائغ جيّد ؛ لأنك لو وضعت (ما) مكانها لم يمتنع ، وذلك قولك : إن زيد إلّا قائم ، فهو بمعنى (ما) لأنك لو قلت : ما زيد إلا قائم ، كان كلاما جيّدا ، وكذلك قوله عزّ وجلّ : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(١) لأنه لو قيل : ما الكافرون إلّا في غرور ، لكان المعنى واحدا.
فإن قال قائل : فإنك إذا اعتمدت على أن إذا كان في خبرها اللّام لم تكن بمعنى ما ، لأن اللّام للتحقيق وما للنفي ، والجمع بينهما خطأ في شيء واحد ، فأنت قد تقول : ما زيد إلّا قائم ، فتجمع بين (إلّا) و (ما) في كلام واحد ، و (إلّا) محققة و (ما) نافية ، فما أنكرت أن يكون معنى قولهم : إن زيد لقائم ، بمعنى
__________________
(١) انظر الحاشية ٢ من ص : ١١٧.