أنّك أحقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتك ، فنصرتنا بك وبهم قال : فقلت : ومن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب فقال : أتحلف على ما تقول؟
قال : فقلت : إنّ الناس شجرة بغي يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ فلا تمكّنهم من سمعك فإنّا إليك أحوج منك إلينا ، فقال : تذكر يوم مسألتك : هل لنا ملك؟ قلت : نعم طويل عريض شديد فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم حتّى تصيبوا منّا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام فعرفت أنّه قد حفظ الحديث فقلت : لعلّ الله عزوجل أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا وإنّما هو حديث رويته ، ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك أن يتولّى ذلك فسكت عنّي ، فلمّا رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك ، والله رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجّة الله على الخلق وصاحب هذا الأمر الذي يقتدى به ، وهذا الآخر الذي يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ الله وهو في موكبه على حمار ، فدخلني من ذلك شكّ حتّى خفت على ديني ونفسي قال : لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال : الآن سكن قلبي ثمّ قال : إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحة منهم؟ فقلت : أليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك أنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنّك لو تعلم حالهم عند الله عزوجل وكيف هي كنت لهم أشدّ بغضا ، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.
ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله ورأيت الجور قد شمل البلاد ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ ورأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ورأيت الصغير يستحقر الكبير ورأيت الأرحام قد تقطّعت ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله ورأيت