وسألت الخليل عن الياآت لم تنصب في موضع النصب اذا كان الأول مضافا وذلك قولك رأيت معد يكرب واحتملوا ايادي سبا فقال شبّهوا هذه الياآت بألف مثنّى حيث عرّوها من الرفع والجرّ فكما عرّوا الألف متهما عرّوها من النصب أيضا فقالت الشعراء حيث اضطروا (وهو رؤبة) : [رجز]
(٧٣) ـ سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق
وقال بعض السّعديين [بسيط]
(٧٤) ـ يا دار هند عفت إلّا أثافيها
ونحو ذلك ، وانما اختصت هذه الياآت في هذا الموضع بذا لأنهم يجعلون الشيئين هيهنا اسما واحدا فتكون الياء غير حرف الاعراب فيسكّنونها ويشبّهونها بياء زائدة ساكنة نحو ياء دردبيس ومفاتيح ولم يحركوها كتحريك الراء في شغر لاعتلالها كما لم تحرّك قبل الاضافة وحرّكت نظائرها في غير الياآت لأن للياء والواو حالا ستراها ان شاء الله فألزموها الاسكان في الاضافة هيهنا اذ كانت تسكن فيما لا يكون وما بعده بمنزلة اسم واحد في الشعر ، ومثل ذلك قول العرب لا أفعل ذاك حيرى دهر وقد زعموا أن بعضهم ينصب الياء ومنهم من يثقّل الياء ايضا ، واما اثنا عشر فزعم الخليل انه لا يغيّر عن
__________________
ـ الريش نسرا وقتمته غبرة في لونه والقتام الغبار ، حدث الأصمعي أن هذا الشاعر كان عليه دين لرجل من يحصب فلما حان قضاؤه فر وترك رقعة مكتوبا فيها.
اذا حان دين اليحصبي فقل له |
|
تزوّد بزاد واستعن بدليل |
سيصبح فوقي أقتم الريش واقعا |
|
بقالي قلا أو من وراء دبيل |
قال الأصمعي فأخبرني من رآه بقالي قلا مصلوبا وعليه نسر أقتم الريش.
(٧٣) الشاهد في اسكان الياء من قوله مساحيهن في حال النصب حملا لها عند الضرورة على الالف لأنها اختها والألف لا تتحرك ، وأراد بالمساحي حوافر الآتن لأنها تسحو الأرض أي تقشرها وتؤثر فيها لشدة وطئها ومن هذا سميت المسحاة ، ونصب تقطيطا على المصدر المشبه به لأن معنى سوى وقطط واحد والقط والتقطيط قطع الشيء وتسويته ، ويقال للجلمين مقط من هذا ، والحقق جمع حقة الطيب.
(٧٤) الشاهد تسكين الياء من الاثافي حال النصب والقول فيه كالقول في البيت المتقدم