فانما ينحصر الصوت اذا وضعت لسانك في مواضعهن فهذه الأربعة لهما موضعان من اللسان وقد بين ذلك بحصر الصوت ولو لا الاطباق لصارت الطاء دالا والصاد سينا والظاء ذالا ولخرجت الضاد من الكلام لأنه ليس شىء من موضعها غيرها ، وانما وصفت لك حروف المعجم بهذه الصفات لتعرف ما يحسن فيه الأدغام وما يجوز فيه وما لا يحسن فيه ذلك ولا يجوز فيه وما تبدله استثقالا كما تدغم وما تخفيه وهو بزنة المتحرك.
[باب الادغام في الحرفين اللذين تضع لسانك لهما موضعا واحدا لا يزول عنه]
وقد بينا أمرهما اذا كانا من كلمة لا يفترقان ، وانما نبيّنهما في الانفصال فأحسن ما يكون الادغام في الحرفين المتحركين اللذين هما سواء اذا كانا منفصلين أن تتولى خمسة أحرف متحركة بهما فصاعدا ، ألا ترى أن بنات الخمسة وما كانت عدّته خمسة لا تتوالى حروفها متحركة استثقالا للمتحركات مع هذه العدّة ولا بدّ من ساكن وقد تتوالى الأربعة متحركة في مثل علبط ولا يكون ذلك في غير المحذوف ، ومما يدلك على أن الادغام فيما ذكرت لك أحسن أنه لا تتوالى في تأليف الشّعر خمسة أحرف متحركة ، وذلك نحو قولك جعل لّك وفعل لبيد ، والبيان في كل هذا عربي جيّد حجازيّ ولم يكن هذا بمنزلة قدّ واحمرّ ونحو ذلك لأن الحرف المنفصل لا يلزمه أن يكون بعده الذي هو مثله سواء ، فان كان قبل الحرف المتحرك الذى وقع بعده حرف مثله حرف متحرك ليس الا وكان بعد الذي هو مثله حرف ساكن حسن الادغام وذلك نحو قولك يددّاود لانه قصد أن يقع المتحرك بين ساكنين واعتدال منه ، وكلما توالت الحركات أكثر كان الادغام احسن وان شئت بينت واذا التقى الحرفان المثلان اللذان هما سواء متحركين وقبل الأول حرف مدّ فان الادغام حسن لأن حرف المدّ بمنزلة متحرك في الادغام ، ألا تراهم في غير الانفصال قالوا رادّ وتمودّ الثوب ، وذلك قولك ان المال لّك وهم يظلمونّي وهما يظلمانّي وأنت تظلميني والبيان هيهنا يزداد حسنا لسكون ما قبله ، ومما يدلك على أن حرف المدّ بمنزلة