الخليل فكان يزعم أن قولك جاء وشاء ونحوهما اللام فيهن مقلوبة وقال ألزموا ذلك هذا واطّرد فيه اذ كانوا يقبلون كواهية الهمزة الواحدة ، وذلك نحو قولهم (للعجاج) :
* لاث بها الأشاء والعبرىّ (١) *
وقال (لطريف بن تميم العنبرىّ) :
فتعرّفوني أنّني أناذا كم |
|
شاك سلاحي في الحوادث معلم (١) |
وأكثر العرب يقول لاث وشاك سلاحه فهؤلاء حذفوا الهمزة ، وهؤلاء كأنهم لم يقلبوا اللام من جئت حين قالوا فاعل لأن من شأنهم الحذف لا القلب ولم يصلوا إلى حذفها كراهية أن تلتقى الألف والياء وهما ساكنتان فهذا تقوية لمن زعم أنّ الهمزة في جاء هي الهمزة التي تبدل من العين وكلا القولين حسن جميل ، وأما فعائل من جئت فجياء ومن سؤت سواء لأنها ليست همزة تعرض في جمع فهي كمفاعل من شأوت ، وأما فعلل من جئت وقرأت فانك تقول فيه جيأى وقرأى وفعلل منهما قرئى وجوئى وفعلل قرئى وجيىء وانما فعلت ذلك لالتقاء الهمزتين ولزومهما وليس يكون هيهنا قلب كما كان في جاء لأنه ليس هيهنا شىء أصله الواو ولا الياء فاذا جعلته طرفا جعلته كياء قاض وانما الأصل هيهنا الهمز ، فانما أجرى جاء في قول من زعم أنه مقلوب مجرى لاث حيث قلبوا الواو كراهية الهمزة وليس هيهنا شىء يهمز أصله غير الهمز فاذا جمعت قلت قراء وجياء لأن الهمزة ثابتة في الواحد وليست تعرض في الجمع فأجريت مجرى مشأى ومشاء ونحو هذا ، وأما فعاعل من جئت وسؤت فتقول فيه سوايا وجيايا لأن فعاعل من بعت وقلت مهموزان فلما وافقت اللام مهموزة لم يكن من قلب اللام ياء بدّ كما قلبتها في جاء وخطايا فلما كانت تقلب ياء وكانت الهمزة انما تكون في حال الجمع أجريت مجرى فواعل من شويت وحويت حين قلت شوايا لأنها همزة عرضت في الجمع وبعدها ياء فأجريت مجرى مطايا ، ومن جعلها مقلوبة فشبهها بقوله شواع وانما يريد شوائع فهو ينبغي له أن يقول جياء وشواء لأنهما همزتا الأصل التي تكون في الواحد وانما جعلت العين التي أصلها الياء والواو طرفا فأجريت مجرى واو شأوت وياء
__________________
(١) استشهد بهما على قلب لاث وشاك من لائت وشائك وقد مرا بتفسيرهما.