أنّه اسم قولهم من لدن وقد يحذف بعض العرب النون حتّى تصير على حرفين ، قال الراجز (وهو غيلان) : [رجز]
(٢٨٩) ـ يستوعب البوعين من جريره |
|
من لد لحييه الى منحوره |
ولدى بمنزلة عند ، وأمّا دون فتقصير عن الغاية وهو يكون ظرفا.
وأعلم أن ما يكون ظرفا بعضه أشدّ تمكّنا في الأسماء من بعض ، ومنه ما لا يكون الّا ظرفا وقد بيّن ذلك في موضعه ، وأمّا قبالة فمواجهة ، وأمّا بلى فتوجب به بعد النفي ، وأمّا نعم فعدة وتصديق تقول قد كان كذا وكذا فيقول نعم وليسا اسمين ، وقبالة اسم يكون ظرفا فاذا استفهمت فقلت أتفعل أجبت بنعم فاذا قلت ألست تفعل قال بلى يجريان مجراهما قبل أن تجيء الالف ، وأمّا بجل فبمنزلة حسب وأمّا إذن فجواب وجزاء ، وأمّا لمّا فهي للامر الذي قد وقع لوقوع غيره وانما تجيء بمنزلة لو لما ذكرنا فانّما هما لابتداء وجواب وكذلك لوما ولو لا فهما لابتداء وجواب فالأوّل سبب ما وقع وما لم يقع ، وأمّا أمّا ففيها معنى الجزاء كأنّه يقول عبد الله مهما يكن من أمره فمنطلق ، ألا ترى أن الفاء لازمة لها أبدا ، وأمّا ألا فتنبيه تقول ألا إنّه ذاهب ألا بلى ، وأمّا كلّا فردع وزجر ، وأنّى تكون في معنى كيف وأين ، وانّما كتبنا من الثلاثة وما جاوزها غير المتمكّن الكثير الاستعمال من الأسماء وغيرها الذي تكلّم به العامّة لانّه أشدّ تفسيرا ، وكذلك الواضح عند كلّ أحد هو أشدّ تفسيرا لأنّه يوضح به الأشياء فكأنّه تفسير لتفسير ، ألا ترى أن لو انّ انسانا قال ما معنى أيّان فقلت متى كنت قد أوضحت ، واذا قال ما معنى متى قلت في أي زمان فسألك عن الواضح شقّ عليك أن تجيء بما توضح به الواضح ، وانّما كتبنا من الثلاثة على نحو الحرف
__________________
(٢٨٩) أراد أن لد محذوفة من لدن منوية النون فلذلك بقيت على حركتها ولو كانت مما بنى على حرفين للزمها السكون كقد ونحوها * وصف بعيرا أو فرسا بطول العنق فجعله يستوعب من حبله الذي يوثق به مقدار باعين فيما بين لحييه ونحره ، والمنحور والنحر الصدر واللحى العظم الاسفل من الشدق سمي بذلك لقلة لحمه كأن اللحم لحي عنه أي قشر ، والبوع مصدر بعت الشيء بوعا اذا ذرعته بباعك والجرير الحبل.