والفتح في هذه الأفعال جيّد وهو أقيس ، وقد جاء في الكلام فعل يفعل في حرفين بنوه على ذلك كما بنوا فعل على يفعل لأنهم قد قالوا يفعل في فعلى كما قالوا في فعل فأدخلوا الضمّة كما تدخل في فعل وذلك فضل يفضل ومتّ تموت ، وفضل يفضل ومتّ تموت أقيس ، وقد قال بعض العرب كدت تكاد فقال فعلت تفعل كما قال فعلت أفعل فكما ترك الكسرة كذلك ترك الضمّة ، وهذا قول الخليل وهو شاذّ من بابه كما أن فضل يفضل شاذ من بابه فكما شركت يفعل يفعل كذلك شركت يفعل يفعل ، وهذه الحروف من فعل يفعل الى منتهى الفصل شواذّ.
[باب ما جاء من المصادر وفيه ألف التأنيث]
وذلك قولك رجعته رجعى وبشرته بشرى وذكّرته ذكرى واشتكيت شكوى وأفتيته فتيا وأعداه عدوى والبقيا ، فأمّا الحذيا فالعطيّة والسّقيا ما سقيت ، وأمّا الدّعوى فهو ما ادّعيت ، وقال بعض العرب اللهمّ أشركنا في دعوى المسلمين ، وقال سبحانه وتعالى (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)
وقال بشر بن النّكث :
(٢١٢) ـ * وأنت ودعواها كثير صخبه*
فدخلت الألف كدخول الهاء في المصادر ، وقالوا الكبرياء للكبر.
وأمّا الفعّيلى فتجىء على وجه آخر تقول كان بينهم رمّيّا فليس يريد قوله رميا ولكنه يريد ما كان بينهم من التّرامى وكثرة الرّمى ولا يكون الرّمّيّا واحدا ، وكذلك الحجّيزى ، وأمّا الحثّيثى فكثرة الحثّ كما أن الرّمّيّا كثرة الرّمى ولا يكون من واحد ، وأمّا الدّلّيلى فانما يراد به كثرة علمه بالدلالة ورسوخه فيها وكذلك القتّيتى ، والهجّيرى كثرة القول والكلام بالشىء والخلّيفى كثرة تشاغله بالخلافة وامتداد أيامه فيها.
__________________
(٢١٢) الشاهد فيه بناء الدعاء على دعوى كما قالوا الرجعي في معنى الرجوع والذكرى في معنى الذكر فيبني المصدر بألف التأنيث كما يبنى بهاء التأنيث نحو الرحمة والغلبة وما أشبه ذلك وقال جل وعز (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي آخر دعائهم والصخب كثرة الصياح واللغط وذكر ضمير الدعوى حملا على معنى الدعاء.