كعمان فهو بمنزلة قدر وشمس ودعد ، وبلغنا عن بعض المفسّرين أن قوله عزوجل (اهْبِطُوا مِصْراً) انما أراد مصر بعينها ، فان كان الاسم الذي على ثلاثة أحرف أعجميّا لم ينصرف ، وان كان خفيفا لأن المؤنّث في ثلاثة الاحرف الخفيفة اذا كان أعجميّا بمنزلة المذكّر في الأربعة فما فوقها اذا كان اسما مؤنّثا. ألا ترى أنك لو سمّيت مؤنّثا بمذكّر خفيف لم تصرفه كما لم تصرف المذكّر اذا سميّته بعناق ونحوها ، فمن الأعجمية حمص وجور وماه فلو سميّت امرأة بشيء من هذه الأسماء لم تصرفها كما لا تصرف الرجل لو سميّته بفارس ودمشق ، وأمّا واسط فالتذكير والصرف أكثر ، وانما سمّى واسطا لأنه مكان وسط البصرة والكوفة فلو أرادوا التأنيث قالوا واسطة ، ومن العرب من يجعلها اسم أرض فلا يصرف ودابق الصرف والتذكير فيه أجود ، قال الراجز :
(١٢) ـ * ودابق وأين منّي دابق*
وقد يؤنّث فلا يصرف ، وكذلك مني الصرف والتذكير أجود ، وإن شئت أنّثت ولم تصرفه وكذلك هجر يؤنّث ويذكّر ، قال الفرزدق : [بسيط]
(١٣) منهنّ أيّام صدق قد عرفت بها |
|
أيّام فارس والأيّام من هجرا |
فهذا أنّث ، وسمعنا من يقول كجالب التّمر الى هجر يافتى ، وأمّا حجر اليمامة فيذكّر ويصرف ومنهم من يؤنّث فيجريه مجرى امرأة سمّيت بعمرو ، لأن حجرا شيء مذكّر سمّي به المذكّر ، فمن الأرضين ما يكون مذكّرا ومنها ما لا يكون إلّا على التأنيث نحو عمان والزّاب وإراب ، ومنها ما لا يكون إلّا على التذكير نحو فلج ، وما وقع صفة كواسط ثم صار بمنزلة زيد وعمرو وانما وقع لمعنى نحو قول الشاعر : [طويل]
__________________
(١٢) الشاهد في صرف دابق لان الغالب عليه أن يجعل اسما مذكرا للمكان والبلد ، وتأنيثه وترك صرفه حملا على معنى البقعة والبلدة جائز.
(١٣) الشاهد فيه ترك صرف هجر على ارادة البقعة والبلدة والأكثر في كلامهم تذكيرها وصرفها ، وفارس اسم أرض.