العرب الذين يخفّفون يقولون اتّبعو مره لأن هذه الواو ليست بمدّة زائدة في حرف الهمزة منه فصارت بمنزلة واو يدعو ، وتقول أتّبعى مره صارت كياء يرمى حيث انفصلت ولم تكن مدّة في كلمة واحدة مع الهمزة لأنها اذا كانت متّصلة ولم تكن من نفس الحرف أو بمنزلة ما هو من نفس الحرف أو تجيء لمعنى فانما تجيء لمدّة لا لمعنى وواو اضربوا واتّبعوا هي لمعنى الأسماء وليس بمنزلة الياء في خطيئة تكون في الكلمة لغير معنى ولا تجيء الياء مع المنفصلة لتلحق بناء ببناء فيفصل بينها وبين ما لا يكون ملحقا بناء ببناء ، فأمّا الألف فلا تغيّر على كلّ حال لأنها ان حرّكت صارت غير ألف والواو والياء تحركان ولا تغيّران.
واعلم أن الهمزة انما فعل بها هذا من لم يخفّفها لأنه بعد مخرجها ولأنها نبرة في الصدر تخرج باجتهاد وهي أبعد الحروف مخرجا فثقل عليهم ذلك لأنه كالتهوّع.
وأعلم أن الهمزتين اذا التقتا وكانت كلّ واحدة منهما من كلمة فان أهل التحقيق يخفّفون احداهما ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك كما استثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة فليس من كلام العرب أن تلتقى همزتان فتحقّقا ومن كلام العرب تخفيف الأولى وتحقيق الآخرة ، وهو قول أبي عمرو وذلك قولك (فقد جاء أشراطها) (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ) ومنهم من يحقّق الأولى ويخفّف الآخرة سمعنا ذلك من العرب وهو قولك فقد جاء اشراطها ويا زكريّاء انّا ، وقال : [رمل]
(١٦٨) ـ كلّ غرّاء اذا ما برزت |
|
ترهب العين عليها والحسد |
سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا ، وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له لمه فقال انّى رأيتهم حين أرادوا أن يبدلوا احدى الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة وذلك جاىء وآدم ، ورأيت أبا عمرو أخذ بهن في قوله عزوجل (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) وحقّق الأولى وكلّ عربى وقياس من خفف الأولى أن يقول يا ويلتا أألد والمخفّفة فيما ذكرنا بمنزلتها محقّقة في الزنة يدلّك على ذلك قول الأعشى [بسيط]
__________________
(١٦٨) الشاهد فيه تخفيف الهمزة الثانية في قوله غراء اذا وجعلها بين بين لأنها مكسورة بعد فتحة فتجعل بين الهمزة والياء وتحقيقها جائز لأنهما منفصلتان في التقدير لا تلزم احداهما الأخرى فتلرم احداهما البدل * وصف امرأة حسناء اذا بدت للناظرين خيف عليها الأخذ بالعين لحسنها.