وذا لا يجسر عليه الّا بسماع وسوف نبيّن ذلك ان شاء الله ، وأما الغراء فشاذّ ، وقالوا بدا له يبدو له بدا ، ونظيره حلب يحلب حلبا وهذا يسمع ولا يجسر عليه ، ولكن يجاء بنظائره بعد السمع ، ومن الكلام ما لا يدرى أنه منقوص حتى تعلم أن العرب تكلّم به فاذا تكلّموا به منقوصا علمت أنها ياء وقعت بعد فتحة أو واو لا تستطيع أن تقول ذا لكذا كما لا تستطيع أن تقول قالوا قدم لكذا ، ولا قالوا جمل لكذا فكذلك نحوهما ، فمن ذلك قفا ورحى ورجا البئر وأشباه ذلك لا يفرق بينها وبين سماء كما لا يفرق بين قدم وقذال الّا أنك اذا سمعت قلت هذا فعل وهذا فعال.
وأمّا الممدود فكلّ شيء وقعت ياؤه أو واوه بعد ألف ، فأشياء يعلم أنها ممدودة وذلك نحو استسقاء لأنّ استسقيت استفعلت مثل استخرجت فاذا أردت المصدر علمت أنه لا بدّ من أن تقع ياؤه بعد ألف كما أنه لا بدّ للجيم من أن تجيء في المصدر بعد ألف فأنت تستدلّ على الممدود كما يستدلّ على المنقوص بنظيره من غير المعتلّ حيث علمت أنه لا بدّ لآخره من أن يقع بعد مفتوح كما أنه لا بدّ لآخر نظيره من أن يقع بعد مفتوح ، ومثل ذلك الاشتراء لأن اشتريت افتعلت بمنزلة احتقرت فلا بدّ من أن تقع الياء بعد ألف كما أن الراء لا بدّ لها من أن تقع بعد ألف اذا أردت المصدر ، وكذلك الاعطاء لأن أعطيت أفعلت كما أنك اذا أردت المصدر من أخرجت لم يكن بدّ للجيم من أن تجيء بعد ألف اذا أردت المصدر ، فعلى هذا فقس هذا النحو ، ومن ذلك أيضا الاحبنطاء لا يقال الّا احبنطيت والاسلنقاء لأنك لو أوقعت في مكان الياء حرفا سوى الياء لأوقعته بعد ألف فكذلك جاءت الياء بعد ألف فانما تجيء على مثال الاستفعال ، ومما تعلم به أنه ممدود أن تجد المصدر مضموم الأوّل يكون للصوت نحو العواء والدّعاء والزّقاء ، وكذلك نظيره من غير المعتلّ نحو الصّراخ ، والنّباح ، والبغام ومن ذلك أيضا البكاء ، قال الخليل الذين قصروه جعلوه كالحزن ، ويكون العلاج كذلك نحو النّزاء ونظيره من غير المعتلّ القماص ، وقلمّا يكون ما ضمّ أوّله من المصدر منقوصا لأن فعلا لا تكاد تراه مصدرا من غير بنات الياء والواو ، ومن الكلام ما لا يقال له مدّ لكذا كما أنك لا تقول جراب وغراب لكذا وانما تعرفه بالسمع فاذا سمعته