فأمّا ردّد ويردّد فلم يدغموه لأنه لا يجوز أن يسكن حرفان فيلتقيا ، ولم يكونوا ليحرّكوا العين الأولى لأنهم لو فعلوا ذلك لم ينجوا من أن يرفعوا ألسنتهم مرّتين ، فلمّا كان ذلك لا ينجيهم أجروه على الأصل ولم يجز غيره.
وأعلم أن الشعراء اذا اضطرّوا الى ما يجتمع أهل الحجاز وغيرهم على إدغامه أجروه على الاصل قال الشاعر (وهو قعنب بن أمّ صاحب) :
مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي |
|
أنّى أجود لأقوام وإن ضننوا (١). |
وقال (١٦٦) ـ تشكو الوجى من أظلل وأظلل
وهذا النحو في الشعر كثير.
[باب المقصور والممدود]
وهما في بنات الياء والواو التي هي لامات وما كانت الياء في آخره وأجريت مجرى التي في نفس الحرف ، فالمنقوص كلّ حرف من بنات الياء والواو وقعت ياؤه أو واوه بعد حرف مفتوح ، وانما نقصانه أن تبدل الألف مكان الياء والواو فلا يدخلها نصب ولا رفع ولا جرّ وأشياء يعلم أنها منقوصة لان نظائرها من غير المعتلّ انما تقع أواخرهن بعد حرف مفتوح ، وذلك نحو معطّى ومشترى وأشباه ذلك لان معطى مفعل وهو مثل مخرج فالياء بمنزلة الجيم والراء بمنزلة الطاء فنظائر ذا تدلّك على أنه منقوص ، وكذلك مشترى انما هو مفتعل ، وهو مثل معترك فالراء بمنزلة الراء والياء بمنزلة الكاف ، ومثل هذا مغزى وملهى انما هما مفعل ، وانما هما بمنزلة مخرج فانما هي واو وقعت بعد مفتوح كما أن الجيم وقعت بعد مفتوح وهما لامان وأنت تستدلّ بذا على نقصانه ، ومثل ذلك المفعول من سلقيته ، وذلك قولك مسلقى ومسلنقي ، والدليل على ذلك أنه لو كان بدل هذه الياء التي في سلقيت حرف غير الياء لم تقع الا بعد مفتوح فكذلك هذا وأشباهه ، ومما تعلم أنه منقوص كل شيء كان مصدرا لفعل يفعل وكان
__________________
(١) الشاهد فيه اظهار التضعيف في ضننوا وقد مر بتفسيره في ج ص ١٩ رقم ٩.
(١٦٦) الشاهد فيه اظهار التضعيف في الاظلل ضرورة أراد الأظل وهو باطن خف البعير والوجى الحفا يعني أنه حمل عليه في السير حتى اشتكى خفيه.