[باب ما جرى في الكلام مصغرا وترك تكبيره لأنه عندهم مستصغر فاستغنى]
«بتصغيره عن تكبيره»
وذلك قولهم جميل وكعيت وهو البلبل ، وقالوا كعتان وجملان فجاؤوا به على التكبير ولو جاؤوا به وهم يريدون أن يجمعوا المحقّر لقالوا جميلات ، فليس شيء يراد به التصغير إلّا وفيه ياء التصغير ، وسألت الخليل عن كميت فقال هو بمنزلة جميل ، وإنما هي حمرة مخالطها سواد ولم يخلص ، فانما حقّروها لأنها بين السواد والحمرة ، ولم يخلص أن يقال له أسود ولا أحمر وهو منهما قريب وإنما هو كقولك هودوين ذلك ، وأمّا سكيت فهو ترخيم سكّيت والسّكّيت الذي يجيء آخر الخيل.
[باب ما يحقّر لدنوّه من الشيء وليس مثله]
وذلك قولك هو أصيغر منك وإنما أردت أن تقلّل الذي بينهما ، ومن ذلك قولك هودوين ذاك وهو فويق ذاك ، ومن ذا أن تقول أسيّد أي قد قارب السّواد ، وأما قول العرب هو مثيل هذا وأميثال هذا فانما أرادوا أن يخبروا أن المشبّه حقير كما أن المشبّه به حقير ، وسألت الخليل عن قول العرب ما أميلحه فقال لم يكن ينبغي أن يكون في القياس لأن الفعل لا يحقّر ، وإنما تحقّر الأسماء لأنها توصف بما يعظم ويهون والأفعال لا توصف فكرهوا أن تكون الأفعال كالأسماء لمخالفتها إيّاها في أشياء كثيرة ولكنهم حقّروا هذا اللفظ وانما يعنون الذي تصفه بالملح كأنك قلت مليّح شبّهوه بالشيء الذي تلفظ به وأنت تعنى شيئا آخر نحو قولك يطؤهم الطريق وصيد عليه يومان ونحو هذا كثير في الكلام ، وليس شيء من الفعل ولا شيء مما سمي به الفعل يحقّر إلّا هذا وحده وما أشبهه من قولك ما أفعله.
واعلم أن علامات الاضمار لا يحقّرن ، من قبل أنها لا تقوى قوّة المظهرة ولا تمّكن تمكّنها فصارت بمنزلة لا ولو وأشباههما فهذه لا تحقّر لأنها ليست أسماء وانما هي بمنزلة الأفعال التي لا تحقّر ، فمن علامات الاضمار هو وأنا ونحن ولو حقّرتهنّ لحقرت الكاف التي في بك والهاء التي في به وأشباه هذا ، ولا يحقّر أين ولا متى ولا كيف ولا حيث ، ونحوهنّ من قبل أن أين ومتى وحيث ليس فيها ما في فوق ودون وتحت