فهؤلاء لم يحقّروا هارا إنما حقّروا هائرا كما قالوا رويجل كأنهم حقّروا راجلا كما قالوا أبينون كأنهم حقّروا أبنى مثل أعمى ، ومن ذلك مر ويرى قالوا مرىّ ويرىّ كما قلت هوير ومييت ، ومن قال هويئر فانه لا ينبغي له أن يقيس عليه كما لا يقيس على من قال أبينون وأنيسيان الّا أن تسمع من العرب شيئا فتؤدّيه وتجىء بنظائره مما ليس على القياس ، وأمّا يونس فحدّثني أن أبا عمرو كان يقول في مر مرييء مثل مريع وفي يري يرييء يهمز ويجرّ لأنها بمنزلة ياء قاض ، فهو ينبغي له أن يقول مييّت ، وينبغي له أن يقول في ناس أنيّس لأنهم انما حذفوا ألف أناس ، وليس من العرب أحد الّا يقول نويس ، ومثل ذلك رجل يسمّى بيضع تقول يضيع ، واذا حقّرت خيرا منك وشرّا منك قلت خيير منك وشرير منك لا تردّ الزيادة كما لا تردّ ما هو من نفس الحرف.
[باب تحقير كلّ حرف كان فيه بدل فانك تحذف ذلك البدل وتردّ الذي هو من]
«اصل الحرف اذا حقّرته كما تفعل ذلك اذا كسرته للجمع»
فمن ذلك ميزان وميقات وميعاد تقول مويزين ومويعيد ومويقيت وإنما أبدلوا الياء لاستثقالهم هذا الواو بعد الكسرة فلمّا ذهب ما يستثقلون ردّ الحرف الى أصله. وكذلك فعلوا حين كسّروها للجمع ، قالوا موازين ومواقيت ومواعيد ومثل ذلك قيل ونحوه تقول قويل ، كما قلت أقوال وانما أبدلوا لما ذكرت لك ، فأمّا عيد فان تحقيره عييد لانهم ألزموا هذا البدل قالوا أعياد ولم يقولوا أعواد كما قالوا أقوال فصار بمنزلة همزة قائل لأن همزة قائل بدل من واو ، فان قلت فقد يقولون ديم فانما فعلوا ذلك كراهية الواو بعد الكسرة كما قالوا في الثّورثيرة فلو كسروا ديمة على أفعل أو أفعال لأظهروا الواو وانما أعياد شاذّ ، وإذا حقرت الطّىّ قلت طوى ، وانما أبدلت الياء مكان الواو كراهية الواو الساكنة بعدها ياء ، ولو كسّرت الطّيّ على أفعل أو أفعال أظهرت الواو ، ومثل ذلك ريّان وطيّان تقول رويّان وطويّان لأن الواو قد تحركت وذهب ما كانوا يستثقلون كما ذهب ذلك في ميزان ، وهذا البدل لا يلزم كما تلزم ياء ميزان ألا تراهم حيث كسّروا قالوا رواء وطواء ، واذا حقّرت