عاقل ، فدعاء الأصنام في الآية ، ونداء الطّلل سوّغ استعمال «من» إذ لا يدعى ولا ينادى إلّا العاقل.
(الثانية) أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه «من» نحو قوله تعالى (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)(١) لشموله الآدميّين والملائكة والأصنام ونحو قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(٢).
(الثالثة) أن يقترن بالعاقل في عموم فصل ب «من» الموصولة ، نحو (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ)(٣) فأوقع «من» على غير العاقل لما اختلط بالعاقل.
من النّكرة الموصوفة ـ وتدخل عليها «ربّ» دليلا على أنها نكرة وذلك في قول الشّاعر :
ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنى لي موتا لم يطع |
كما أنها وصفت بالنّكرة في نحو قولهم «مررت بمن معجب لك».
ومثالها قول الفرزدق :
إني وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا |
|
كمن بواديه بعد المحل ممطور |
أي كشخص ممطور بواديه.
من الجارّة ـ وهي من حروف الجرّ ، وتجرّ الظّاهر والمضمر نحو (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ)(٤) ، وزيادة «ما» بعدها لا تكفّها عن العمل ، نحو (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(٥) ، ولها خمسة عشر معنى نجتزئ منها بسبع :
(١) التبعيض ، نحو (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٦).
(٢) بيان الجنس نحو (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ)(٧).
(٣) ابتداء الغاية المكانيّة» نحو (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٨) ،
__________________
(١) الآية «١٧» النحل (١٦).
(٢) الآية «١٨» الحج (٢٢).
(٣) الآية «٤٥» النور (٢٤).
(٤) الآية «٧» الأحزاب (٣٣).
(٥) الآية «٢٥» نوح (٧١).
(٦) الآية «٩٢» آل عمران (٣).
(٧) الآية «٣١» الكهف (١٨).
(٨) الآية «١» الإسراء (١٧).