ما الحجازيّة ـ
١ ـ التّعريف بها وتسميتها :
«ما» الحجازية هي من المشبّهات ب «ليس» في النّفي ، لذلك تعمل عملها بشروط ، وسميت حجازيّة لأنّ الحجازيين أعملوها ، في النكرة والمعرفة ، وبلغتهم جاء التنزيل قال تعالى (ما هذا بَشَراً)(١)(ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(٢).
٢ ـ شروط إعمالها :
تعمل «ما» الحجازية بأربعة شروط :
(أحدها) ألّا يقترن اسمها ب «إن» الزّائدة وإلّا بطل عملها كقوله :
بني غدانة ما إن أنتم ذهب |
|
ولا صريف ولكن أنتم خزف (٣) |
(الثاني) ألّا ينتقض نفي خبرها ب «إلّا» ولذلك وجب الرفع في قوله تعالى (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ)(٤)(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٥) فأما قوله :
وما الدّهر إلا منجنونا بأهله |
|
وما صاحب الحاجات إلا معذّبا (٦) |
فمن باب المفعول المطلق المحذوف عامله ، على حدّ قولك «ما محمّد إلّا سيرا» أي يسير سيرا والتقدير في البيت : ما الدّهر إلا يدور دوران منجنون بأهله ، وما صاحب الحاجات إلا يعذّب تعذيبا ، وأجاز يونس النصب بعد الإيجاب مطلقا ، وهذا البيت يشهد له (٧).
ولأجل هذا الشّرط وجب الرفع بعد «بل ولكن» في نحو «ما هشام مسافرا بل مقيم» أو «لكن مقيم» على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، ولم يجز نصبه بالعطف لأنّه موجب.
(الثالث) ألا يتقدّم الخبر على الاسم
__________________
(١) الآية «٣١» يوسف (١٢).
(٢) الآية «٢» المجادلة (٥٨).
(٣) برفع «ذهب» على الإهمال ، ورواية ابن السكيت «ذهبا» بالنصب ، وتخرّج على أن «إن» نافية مؤكدة ل «ما» لا زائدة ، و «غدانة» حي من يربوع ، «الصريف» الفضة الخالصة «الخزف» كل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا.
(٤) الآية «٥٠» القمر (٥٤).
(٥) الآية «١٤٤» آل عمران (٣).
(٦) «المنجنون» الدولاب التي يستقى بها الماء.
والمعنى : وما الزمان بأهله إلا كالدولاب تارة يرفع وتارة يضع وما صاحب الحاجات إلا معذبا في تحصيلها.
(٧) وعند الفراء يجوز النصب بعد الإيجاب إذا كان الخبر وصفا.